( 48 ) من أشرف علوم القرآن، حتى ذهبوا إلىأن من لم يعرف مواطن النزول وأماكنه وأزمنته، ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله. قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري ( ت: 406 هـ ): " من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة ابتداء ووسطا وانتهاء، وترتيب ما نزل بالمدينة كذلك، ثم ما نزل بمكة وحكمه مدني، وما نزل بالمدينة وحكمه مكي، وما نزل بمكة من أهل المدينة، وما نزل بالمدينة من أهل مكة، ثم ما يشبه نزول المكي في المدني، وما يشبه نزول المدني في المكي، ما ثم ما نزل بالجحفة، وما نزل ببيت المقدس، وما نزل بالطائف، وما نزل بالحديبية، ثما ما نزل ليلا، وما نزل نهارا، وما نزل مشيعا، وما نزل مفردا، ثم الآيات المدنيات في السور المكية، والآيات المكية في السور المدنية، ثم ما حمل من مكة إلى المدينة، وما حمل من المدينة إلى مكة، وما حمل من المدينة إلى أرض الحبشة، ثم ما نزل مفسرا، وما نزل مرموزا، ثم ما اختلفوا فيه [ فقال بعضهم: مكي ] وقل بعضهم: مدني. هذه خمسة وعشرون وجها، من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله " (1). والحق أن ابن حبيب النيسابوري قد نبه إلى جزئيات وحيثيات مهمة، مضافا إلى تقسيمه المكي، ومثله المدني، إلى مراحل: أولية، ووسطية، ونهائية، وهي تقديرات تعنى بالتأريخ الدقيق لنزول سور القرآن وآياته، وكأنه بهذا قد فتح الطريق أمام المستشرقين للخوض في هذه التفصيلات في محاولة لترتيب القرآن زمنيا، ووصف كل ما يتعلق بمراحل نزول الوحي القرآني، وقد علقوا على ذلك أهمية كبرى، وكان المستشرق الألماني الأستاذ تيوردنولدكه ( 1836م ـ 1930م ) من أبرز المقتنعين في هذا المنهج وضرورة استقصائه، وقد أخضع في ضوئه الحوادث الهامشية في الحروب والمغازي والمراسلات والوقائع لاستنتاجاته العلمية. ____________ (1) الزركشي، البرهان: 1 | 192.