(7) " إن الكافرون إلا في غرور " (1) وهي لام الابتداء أخرت إلى الخبر في باب (ان) خاصة. واما اللام الثالثة في قوله: " وما كان الله ليضيع إيمانكم " فلام الجحد، واصلها الام الاضافة، والفعل نصب باضمار (أن)، ولا يظهر بعدها (ان)، لان التأويل: ما كان الله مضيعا ايمانكم، فلما حمل معناه على التأويل، حمل، لفظه ايضا على التأويل من غير تصريح باظهار (ان). المعنى: فان قيل: باي شئ يشهدون على الناس، قلنا فيه ثلاثة اقوال: احدها - ليشهدوا على الناس باعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا وفي الآخرة كما قال: " وجيئ بالنبيين والشهداء " (2) وقال " يوم يقوم الاشهاد " (3) قال ابن زيد: الاشهاد أربعة الملائكة، والانبياء، وامة محمد (صلى الله عليه وآله) والجواح. كما قال: " يوم تشهد عليهم ألسنتهم وايديهم وارجلهم بما كانوا يعملون " (4). الثاني - يشهدون الانبياء على اممهم المكذبين بانهم بلغوا. وجاز ذلك لاعلام النبي (صلى الله عليه وآله) اياهم بذلك. الثالث - " لتكونوا شهداء على الناس " أي حجة عليهم فيما يشهدون، كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) شهيد بمعنى حجة في كلما اخبر به. والنبي (صلى الله عليه وآله) وحده كذلك. فأما الامة فجماعتها حجة دون كل واحد منها. واستدل البلخي، والجبائي، والرماني، وابن الاخشاد، وكثير من الفقهاء، وغيرهم بهذه الآية على أن الاجماع حجة من حيث ان الله وصفهم بانهم عدول، فاذا عدلهم الله تعالى، لم يجز أن تكون شهادتهم مردودة - وقد بينا في اصول الفقه أنه لا دلالة فيها على ان الاجماع حجة - وجملته ان الله تعالى وصفهم بانهم عدول، وبانهم شهداء وذلك يقتضي ان يكون كل واحد عدلا، ــــــــــــــــــــــ (1) سورة الملك: آية 20. (2) سورة الزمر: آية 69. (3) سؤرة المؤمن: آية 51. (4) سورة النور: آية 24.