(580) والبغضاء ابدا) لا يكون بيننا وبينكم موالاة في الدين (حتى تؤمنوا بالله وحده) أي حتى تصدقوا بوحدانيته وإخلاص العبادة له. وقوله (إلا قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك) استثناء لقول إبراهيم لابيه: لاستغفرن أي فلا تقتدوا به فيه. فان إبراهيم (عليه السلام) إنما استغفر لابيه على (موعدة وعدها إياه) لان اباه كان وعده بالايمان، فوعده إبراهيم بالاستغفار، فلما اظهر له الايمان استغفر له إبراهيم في الظاهر (فلما تبين له انه عدو لله) وعرف ذلك من جهته (تبرأ منه) (1) قال الحسن: إنما تبين ذلك عند موت أبيه، ولو لم يستثن ذلك لظن إنه يجوز الاستغفار للكفار مطلقا من غير موعدة بالايمان منهم. وقيل: إن الاستثناء راجع إلى قوله (وبدأ بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا) لانه لما كان استغفار إبراهيم لابيه مخالفا لما تضمنته هذه الجملة وجب استثناؤه وإلا توهم بظاهر الكلام انه عامل أباه من العداوة والبراءة بما عامل به غيره. وقال البلخي: هذا استثناء منقطع. ومعناه لكن قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك كان لاجل موعدة أبيه بالايمان. ثم قال إبراهيم لابيه (وما أملك لك من الله من شئ) إذا اراد عقابك، فلا يمكن دفع ذلك عنك. وقوله (ربنا) أي يقولون ربن (عليك توكلنا) فالتوكل على الله تفويض الامور إليه ثقة بحسن تدبيره في كل ما يدبره به (واليك أنبنا) أي رجعنا وتبنا اليك أي رجعنا إلى طاعتك (واليك المصير) معناه واليك مرجع كل شئ يوم القيامة، وقال أيضاً وكانوا يقولون (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) ومعناه لا ترهم فينا ما يشمتون بجهلهم بنا. وقال مجاهد: معناه لا تعذبنا بأيديهم ولا ببلاء من عندك، فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما اصابهم هذا (واغفر لنا ذنوبنا ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 9 التوبة آية 115 (*)