(490) الغني بنفسه الذي لايجوز أن يلحقه المنافع والمضار جل ثناؤه وتقدست اسماؤه، وهذا الذي ذكره يلزم اليهود والجهال. كما حكى الله تعالى عنهم " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا " (1). والشهادة التي كتموها قيل فيها قولان: احدهما ـ قال مجاهد والربيع وابن ابي نجيح: انهم كتموا الشهادة بانهم كانوا على الاسلام. والثاني ـ قال الحسن وقتادة وابن زيد واختاره الجبائي: انهم كتموا الشهادة بالبشارة التي عندهم بالنبي (صلى الله عليه وآله). فان قيل اذا كان الذي كتموه امر محمد (صلى الله عليه وآله) فكيف يتصل بما قبله: قيل قال الحسن: كتموا محمدا (صلى الله عليه وآله) ودينه لان في دينه ان ابراهيم كان مسلما ولم يك من المشركين. والاحتجاج عليهم: " أأنتم أعلم أم الله " على وجه الالزام لهم بالجهالة كانه قيل: اذا زعمتم أن هؤلاء كانوا يهودا أو نصارى، وقد اخبر الله بخلاف ذلك عنهم فقد لزمكم أن تكونوا أعلم من الله تعالى، وهذا غاية الخزي لمن بلغه. وقوله تعالى: " وما الله بغافل عما تعملون " فالغفلة والسهو والسنة نظائر ومعنى الآية يحتمل امرين: احدهما ـ ليس ألله بساه عن كتمان الشهادة التي لزمكم القيام بها لله تعالى. الثاني ـ ان يكون على عمومه والمعنى: أنه لا يخفى عليه شئ من المعلومات لا صغيرها، ولاكبيرها فكونوا على حذر من الجزاء على السيئات بما تستحقونه من العقاب، وكتم واخفى واسر معناها واحد والبينة والحجة واحد. قوله تعالى: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون (141) آية بلا خلاف. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة المائدة: آية 67. (*)