(489) الانجيل. وقد قال الله تعالى: وما انزلت التوراة والانجيل إلا من بعده " (1) وقبل ايضا ان معناه التوبيخ لاهل الكتاب بادعائهم عليهم خلاف الاسلام بغير حجة ولابرهان. وقوله: " أأنتم اعلم أم الله " صورته صورة الاستفهام والمراد به التوبيخ ومثله قوله: " أأنتم أشد خلقا أم السماء " (2). اللغة: والاعلم والاعرف والادرى بمعنى واحد. والاظلم والاجور والاعتى نظائر، فان قيل لم قال: " أأنتم أعلم أم الله " وقد كانوا يعلمونه وكتموه، وانما ظاهر هذا الخطاب لمن لا يعلم، قلنا من قال: انهم كانوا على ظن وتوهم: فوجه الكلام على قوله واضح. ومن قال: كانوا يعلمون ذلك وانما كانوا يجحدونه يقول: معناه ان منزلتكم منزلة المعترض على ما يعلم ان الله اخبر به فما ينفعه ذلك مع إقراره بان الله اعلم منه، وانه لا يخفى عليه شئ، لان ما دل على انه اعلم هو الدال على انه لايخفى عليه شئ، وهو انه عالم لنفسه ويعلم جميع المعلومات. وقوله تعالى: " ومن اظلم ممن كتم " قيل في (من) في قوله: " من الله " ثلاثة اقوال: احدها ـ انها بمعنى ابتداء الغاية، لان الله تعالى ابتدأ الشهادة في التوراة والانجيل بصحة النبوة لمحمد (صلى الله عليه وآله)، ويكون ابتداء الشهادة بأن الانبياء كانوا على الحنيفية، فهذه شهادة من الله عندهم. والثاني ـ كتمها من عباد الله. والثالث ـ ما حكاه البلخي: انه بمنزلة من أظلم ممن يجور على الفقير الضعيف من السلطان الغني القوي: أي فلا احد أظلم منه. والمعنى انه يلزمكم ان لا أحد أظلم من الله، تعالى عن ذلك إذ ما يكتم ما فيه الغرور للعباد، ليوقعهم في الضلال وهو ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة آل عمران: آية 65. (2) سورة النازعات: آية 27. (*)