(14) وقيل قول ثالث - انه لا يوثق بأنها نعمة منك مع ظلمك بني اسرائيل في تعبيدهم، وفى كل ذلك دلالة وحجة عليه، وتقريع له. ويجوز في * (أن) * النصب بمعنى لتعبيدك بني اسرائيل، والرفع بالرد على النعمة أي على تعبيدك بني اسرائيل. والتعبيد اتخاذ الانسان أو غيره عبدا تقول عبدته وأعبدته بمعنى واحد، قال الشاعر: علام يعبد في قومي وقد كثرت * فيهم أباعر ما شاءوا وعبدان (1) وقال الجبائى بين أنه ليس لفرعون عليه نعمة، لان الذي تولى تربيته أمه وغيرها من بني اسرائيل بأمر فرعون لما استعبدهم. وقال الحسن: أراد أخذت أموال بني اسرائيل، واتخذتهم عبيدا فأنفقت علي من أموالهم. فاراد أن لا يسوغه ما امتن به عليه. وقال قوم: أراد أو تلك نعمة؟ ! مستفهما واسقط حرف الاستفهام. وقوله تعالى * (قال فرعون وما رب العالمين) * حكاية من الله أن فرعون قال لموسى أي شئ رب العالمين الذي تدعوني إلى عبادته، لان هذا القول من فرعون يدل على ان موسى كان دعاه إلى طاعة الله وعبادته. وقيل: ان فرعون عجب من حوله من جواب موسى، لانه طلب منه أي أجناس الاجسام هو؟ جهلا منه بما ينبغي أن يسأل عنه، فقال موسى في جوابه " رب السموات والارض وما بينهما " أي رب العالمين هو الذي اخترع السموات والارض وخلقهما، وخلق ما بينهما من الحيوان والجماد والنبات " إن كنتم موقنين " بذلك مصدقين به فقال فرعون - عند ذلك - لمن حوله من أصحابه " ألا تستمعون " أي ألا تصغون اليه، وتفهمون ما يقول معجبا لهم من قوله، حين عجز عن محاورته ومجاوبته. ــــــــــــــــــــــ (1) تفسير القرطبي 13 / 96 والطبري 19 / 43 (*)