(517) ذلك ولايقدرون على معارضته، لانه تعالى قال " قل " يامحمد لهؤلاء الكفار " لئن اجتمعت الانس والجن " متعاونين متعاضدين " على أن يأتوا بمثل هذا القرآن " في فصاحته وبلاغته ونظمه، على الوجه الذي هو عليه، من كونه في الطبقة العليا من البلاغة وعلى حد يشكل على السامعين مابينهما من التفاوت، لما أتوا بمثله، ولعجزوا عنه " ولوكان بعضهم لبعض ظهيرا " اي معينا، والمثلية التي تحدوا بالمعارضة بها معتادة بينهم، كمعارضة علقمه لامرئ القيس، ومعارضة الحرث ابن حلزة عمروبن كلثوم، ومعارضة جرير الفرزدق. وماكان ذلك خافيا عليهم. ثم قال " ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل " وتصريفه إياه هو توجيهه إياه في معان مختلفة. وقال الرماني: هو تصيير المعنى دائرا فيما كان من المعاني المختلفة. وذلك أنه لو أدير في المعاني المتفقة لم يعد ذلك تصريفا، فالتصريف تصيير المعنى دائرا في الجهات المختلفة. وقوله " لايأتون بمثله " انما رفعه لانه غلب جواب القسم على جواب (إن) لوقوعه في صدر الكلام، وقد يجوز أن يجزم على جواب (إن) إلا أن الرفع الوجه، وقال الاعشى: لئن منيت بنا عن غب معركة * لاتلقنا من دماء القوم ننتقل (1) وقوله " فأبي أكثر الناس إلا كفورا " معناه إنما " صرفنا في هذا القرآن من كل مثل " ليستدلوا به على كونه من قبل الله تعالى ومع ذلك يأبي أكثر الناس إلا الجحد به، وإنكاره، فالكفور - ههنا - هو الجحود للحق بالاستكبار ويقولون مع ذلك " لن نؤمن لك " يامحمد " حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا " ومعناه حتى تشقق من الارض عينا ينبع بالماء أي يفور، فهو على وزن ـــــــــــــــــــــــ (1) ديوانه (دار بيروت) 149 وروايته (تلفنا) بدل (تلقنا) والمعنى واحد. وهو في تفسير روح المعاني 15: 136 وتفسير الطبرى 15: 100