(491) فان قيل كيف دعا نوح ابنه إلى الوكوب معه في السفينة مع أن الله تعالى نهاه أن يركب فيها كافرا. قلنا: فيه جوابان: أحدهما - أنه دعاه إلى الركوب بشرط أن يؤمن. الثاني - قال الحسن والجبائي: انه كان ينافق باظهار الايمان. فان قيل: هلا كان ما صار اليه ابن نوح من تلك الحال الهائلة إلجاء؟. قلنا: لا. لان الالجاء لايكون إلا بأحد شيئين: احدهما - بأن يخلق فيه العلم بأنه متى رام خلافه منع منه. الثاني - تتوفر الدواعي من ترغيب او ترهيب، ولم يحصل له واحد من الامرين، لانه جوز أن يكون من عجائب الزمان، وأنه وقع إلى نوح علم به، فتقدم فيه. وقوله " لاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم " حكاية لما قال نوح لولده حين " قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء " بأنه لامانع اليوم من أمر الله. واستثنى من رحم، وقيل فيه ثلاثة اقوال: أحدها - أنه استثناء منقطع، كأنه قال من رحم فانه معصوم. الثاني - لاعاصم إلا من رحمنا برحمة الله سبحانه لنا كأنه قال: لاعاصم إلا من عصمه الله فنجا، وهو نوح (عليه السلام)، وهو اختيار أبي علي النحوي. وقال: لانه يحتمل أن يكون (عاصم) بمعنى معصوم مثل دافق بمعنى مدفوق، فيكون الاستثناء متصلا. وقال ابن كيسان: لما قال (لا عاصم) كان معناه لامعصوم، لان في نفي العاصم نفي المعصوم ثم قال " إلا من رحم " فاستثناه على المعنى ويكون متصلا. وقوله " وحال بينهما الموج " إخبار منه تعالى انه حال بين نوح وولده الموج، " فكان من المغرقين ". قوله تعالى: وقيل يا أرض ابلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين (44) آية