(489) ذكرت النعمة بالمغفرة والرحمة ليجتلب الطاعة كما اجتلب النجاة. قوله تعالى: وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين (42) آية أخبر الله تعالى عن حال السفينة بعد الغرق أنها كانت تجري على الماء في أمواج كالجبال. والجري مر سريع كمر الماء على وجه الارض. والسفينة تجري بالماء والفرس يجري في عدوه، ويقال: هذه العلة تجري في أحكامها، أي تمر فيها من غير مانع منها. والموج جمع موجة، وهي قطعة عظيمة ترتفع عن جملة الماء الكثير، ومنه أمواج البحر وأعظم ما يكون إذا اشتدت به الريح، وشبه الله تعالى الامواج بالجبال في عظمها، والجبل جسم عظيم الغلظ شاخص من الارض هو لها كالوتد في عظمه، وجمعه اجبال وجبال. وقوله " ونادى نوح ابنه وكان في معزل " فالمعزل موضع منقطع عن غيره. وكان ابن نوح في ناحية منقطعة عنه حين ناداه وقرأ عاصم " يا بني اركب " بفتح الياء. الباقون بكسرها. وفي قوله " يا بني " ثلاث ياءات، ياء التصغير، وياء الاصل، وياء الاضافة. وفي قوله " يا بني ان الله اصطفى لكم الدين " (1) يا آن، ياء الجمع، وياء الاضافة. قال أبوعلي الفارسي: الوجه كسر الياء، لان اللام من (ابن) ياء أو واو، وحذفت من (ابن) كما حذفت من (إسم) فاذا حقرت ألحقت ياء التحقير، لزم أن ترد اللام الذي حذفت لانك لو لم تردها لوجب أن تحرك ياء التصغير بحركات الاعراب، وهي لاتحرك أبدا بحركات الاعراب ولاغيرها، فاذا أضفته إلى نفسك أجتمعت ثلاث ياء آت:، الاولى التي للتحقير، والثانية لام الفعل، والثالثة هي التي للاضافة تقول: بني، ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 2 البقرة آية 132 (*)