(488) والرسو، فموضع " مجراها " نصب على هذا الوجه بأنه ظرف عمل فيه على المعنى. وفي الوجه الاول وفع. بالابتداء وبالظرف. ومن فتح الميم فلانه قال " وهي تجري ". ومن ضم، فلان جرت بهم وأجري بهم متقاربان في المعنى، ويقال: جرى الشئ وجريت به وأجريته، وإنما ضموا الميم من (مرساها) لقوله " أيان مرساها " (1) وقوله " والجبال أرساها " (2) ومن أمال او ترك الامالة، فكلاهما حسنان. اخبر الله تعالى عما قال نوح حين دنا ركوبهم السفينة " اركبوا فيها " يعني في السفينة، والركوب العلو على ظهر الشئ، فمنه ركوب الدابة وركوب السفينة وركوب البر وركوب البحر. والعامل في " بسم الله " يحتمل ثلاثة أشياء: احدها - (اركبوا). والثاني - ابتدؤا ببسم الله. والثالث - أجراها وأرساها. والمجرى يحتمل ثلاثة اوجه: أحدها - أن يكون موضع الاجراء. والثاني - وقت الاجراء. والثالث - نفس الاجراء. وقيل: كان اذا اراد أن تجري قال " بسم الله " فجرت، فاذا أراد أن ترسوا قال " بسم الله " فرست ذكره الضحاك. قال لبيد: عمرت حين ثلاثا قبل مجرى داحس * لو كان للنفس اللجوج خلود (3) والارساء إمساك السفينة بما تقف عليه أرساها إرساء ورست ترسو قال عنترة: فصرت نفسا عند ذلك حرة * ترسوا إذا نفس الجبان تطلع (4) وقوله " ان ربي لغفور رحيم " إخبار منه تعالى حكاية عما قال نوح لقومه " ان ربي لغفور رحيم " أي ساتر عليهم ذنوبهم رحيم بهم منعم عليهم. ووجه اتصال الاية بما قبلها أنه لما ذكرت النجاة بالركوب في السفينة ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 7 الاعراف آية 186 وسورة 79 النازعات آية 42 (2) سورة 79 النازعات آية 32 (3) ديوانه: 25 واللسان والتاج (جرى) (4) ديوانه: 29 والدر المنثور 3 / 338 (*)