(535) وألقى عليه النعاس، فضرب أحدهما على الاخر فانكسرا، فأوحى الله تعالى اليه أن لو جاز عليه تعالى النوم لاضطراب أمر العالم، كما اضطرب القدحان في مدة حتى تكسرا. الثاني - عن هذا السؤال أنه إنما يجوز أن يسأل الله مايمكن أن يعلم صحته بالسمع، ومايكون الشك فيه لايمنع من العلم بصحة السمع، وإنما يمنع من ذلك سؤال الرؤية التي تقتضي الجسمية والتشبيه، لان الشك في الرؤية التي لاتقتصي التشبيه مثل الشك في رؤية الضمائر والاعتقادات، ومالا يجوز عليه الرؤية، وليس كذلك الشك في كونه جسما أو مايتبع كونه جسما من الصعود والنزول، لان مع الشك في كونه جسما، لايصح العلم بصحة السمع من حيث أن الجسم لايجوز أن يكون غنيا ولاعالما بجميع المعلومات، وكلاهما لابد فيه من العلم بصحة السمع، فلذلك جاز أن يسأل الرؤية التي لاتوجب التشبيه ولم يجز أن يسأل كونه جسما، وماأشبهه. والجواب الثاني - في أصل المسألة: أنه سأل العلم الضروري الذي يحصل في الاخرة، ولايكون في الدنيا ليزول عنه الخواطر والشبهات، والرؤية تكون بمعنى العلم، كما تكون الادراك بالبصر، كما قال " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " (1) وأمثاله. وللانبياء أن يسألوا مايزول عنهم الوساوس والخواطر، كما سأل ابراهيم ربه " فقال رب ارني كيف تحيي الموتى " (2) غير أنه سأل مايطمئن قلبه إلى ذلك وتزول عنه الخواطر والوساوس، فبين الله تعالى له أن ذلك لايكون في الدنيا. الثالث - أنه سأل آية من آيات الساعة التي يعلم معها العلم الذي لايختلج فيه الشك كما يعلم في الاخرة وهذا قريب من الثاني. وقال الحسن والربيع والسدي: إنه سأل الرؤية بالبصر على غير وجه التشبيه. ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 105 الفيل آية 1. (2) سورة 2 البقرة آية 260.