(511) علينا صبرا وتوفنا مسلمين (125) آية بلاخلاف. في هذه الاية إخبار عما قالت السحرة حين آمنوا وتوعدهم فرعون بأنواع العذاب بأنهم قالوا له: إنا راجعون إلى الله، وقالوا له أيضا: ليس تنقم منا إلا إيماننا بالله وتصديقنا بآياته التي جاءتنا. والنقمة الاخذ بالعقوبة: نقم ينقم، ونقم ينقم، واللغة الاولى أفصح وانتقم انتقاما ونقمة، فالنقمة ضد النعمة. والفرق بين النقمة والاساءة ان النقمة قد تكون بحق، جزاء على كفر النعمة، ولذلك يقال انتقم الله من فلان نقمة عاجلة، والاساءة لاتكون الا قبيحة، لانه ليس لاحد أن يسئ في فعله، والمسئ مذموم على اساءته. وقوله تعالى " ربنا أفرغ علينا صبرا " حكاية عن قول هؤلاء السحرة الذين آمنوا، وأنهم بعد أن قالوا لفرعون ماقالوه، سألوا الله تعالى أن يفرغ عليهم صبرا، ومعناه أن يفعل بهم من اللطف مايصبرون معه على عذاب فرعون ويتشجعوا عليه، ولايفزعوا منه. والافراغ صب مافي الاناء أجمع، حتى يخلو، مشتقا من الفراغ، والفراغ نقيض الشغل، وقيل: أفرغ عليه الصبر تشبيها بافراغ الاناء، كما يقال صب عليه العذاب صبا، والصبر هو حبس النفس عن إظهار الجزع، صبر يصبر صبرا والصبر على الحق عز، كما أن الصبر على الباطل ذل. والصبر في الجملة محمود، قال الله تعالى " واصبر على ماأصابك ان ذلك من عزم الامور ". وقوله تعالى " وتوفنا مسلمين " رغبة منهم إلى الله تعالى وسؤالهم إياه بأن يقبضهم اليه ويميتهم في حال السلامة. قوله تعالى: وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا