(6) القبح. وقوله " وذلك جزاء المحسنين " وإن كان مطلقا فهو مقيد في المعنى بالمحسنين الذين يجوز عليهم الوعد بالنفع، لانه وعد به، ألا ترى أن الله تعالى يفعل الاحسان وإن كان لايصح عليه الثواب لانه مضمن بمن يجوز عليه المنافع والمضار فجزاؤه هذه المنافع العظام دون المضار، لانه خرج مخرج استدعاء العباد إلى فعل الاحسان. قوله تعالى: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم (89) آية بلاخلاف. لما كان أهل الكتاب فريقين أحدهما آمنوا، والثاني كفروا، وذكر الوعد للمؤمنين منهم اقتضى أن يذكر الوعيد لمن كفر منهم وأطلق اللفظ ليكون لهم ولكل من جرى مجراهم، وإنما شرط في الوعيد على الكفر بالتكذيب بالايات وإن كان كل واحد منهما يستحق به العقاب، لان صفة الكفار من أهل الكتاب أنهم يكذبون بالايات، فلم يصلح - هاهنا - لو كذبوا لانهم قد جمعوا الامرين، ولان دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) بوعيد الكفار ظاهرة مع مجئ القرآن به في نحو قوله " ان الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء " (1) فلم يقع فيه اشكال لهذا. وقوله " أولئك " يعني هؤلاء الكفار. و " أصحاب الجحيم " يعني الملازمون لها، كقولك أصحاب الصحراء وليس كمثل أصحاب الاموال، لان معنى ذلك ملاك الاموال. وليس من شرط المكذب أن يكون عالما أن ماكذب به صحيح بل اذا اعتقد أن الخبر كذب سمي مكذبا، وإن لم يعلم أنه كذب، وإنما يستحق الذم، لانه جعل ـــــــــــــــــــــــ (1) سورة 4 النساء آية 47، 115.