(3) قوله تعالى: وإذا سمعوا ماأنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين (86) آية، بلاخلاف. هذا وصف للذين آمنوا من هؤلاء النصارى الذين ذكرهم الله أنهم أقرب مودة للمؤمنين بأنهم اذا سمعوا ماأنزل الله من القرآن يتلى " ترى أعينهم تفيض من الدمع " يعني من آمن من هؤلاء النصارى. قال الزجاج وأبوعلي: تقديره ومنهم اذا سمعوا ولم يذكر (منهم) لدلالة الكلام عليه وما وصفهم به فيما بعده. وفيض العين من الدمع امتلاؤها منه سيلا ومنه فيض النهر من الماء وفيض الاناء، وهو سيلانه عن شدة امتلاء، ومنه قول الشاعر: ففاضت دموعي فظل الشؤو * ن إما وكيفا وإما انحدارا (1) وخبر مستفيض أي شائع، وفاض صدر فلان بسره، وأفاض القوم من عرفات إلى منى اذا دفعوا، وأفاض القوم في الحديث اذا اندفعوا فيه، والدمع الماء الجاري من العين ويشبه به الصافي، فيقال دمعة. والمدامع مجاري الدمع وشجة دامعة تسيل دما. وقوله " مما عرفوا من الحق " أي مما علموه من صدق النبي وصحة ماأتى به " يقولون ربنا " في موضع الحال، وتقديره قائلين " ربنا آمنا " أي صدقنا بما أنزلت " فاكتبنا مع الشاهدين " قيل في معناه قولان: أحدهما - فاجعلنا مع الشاهدين فيكون بمنزلة ماقد كتب ودون. الثانى - فاكتبنا معهم في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ. و (الشاهدين) قال ابن عباس وابن جريج: مع أمة محمد (صلى الله عليه وآله) الذين يشهدون بالحق من ـــــــــــــــــــــــ (1) قائله الاعشى. ديوانه: 35.