(610) ليدل على أن من خلصت معصيته ممايكفرها أو بقته، وأنهم مع كفرهم قد عصوا بغير الكفر من الجرم الذي فسر في الآية التي بعد. قوله تعالى: كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون (82) آية بلاخلاف. أخبر الله تعالى أن هؤلاء الكفار الذين ذكرهم لم يكونوا يتناهون عن منكر أي لم يكن ينهى بعضهم بعضا مثل قولك لايتضاربون ولا يترامون ولاينتهون ومعناه لايكفون عما نهوا عنه. وقوله: " لبئس ماكانوا يفعلون " وفتحت اللام لام القسم وتقديره اقسم لبئس ماكانوا يفعلون كما فتحت لام الابتداء لانها لمالم تكن عاملة ك (لام الاضافة) اختير لها أخف الحركات. ولايجوز أن تكون لام الابتداء، لانها لاتدخل على الفعل الافي باب (أن) ولا تدخل على الماضي. و (ما) في قوله " لبئس ما " قيل فيهاقولان: أحدهما - أن تكون (ما) كافة ل (بئس) كماتكف في (إنما) و (بعدما) و (ربما) والاخر - أن تكون اسما نكرة كأنه قال: بئس شيئا فعلوه، كما تقول بئس رجلا كان عندك. وفي الآية دلالة على وجوب انكار المنكر، لان كل شئ ذم الله عليه فواجب تركه إلا أن يقيد بوقت يخصه، لان ظاهر ذلك يقتضي قبحه، والتحذير منه. والمنكر هو القبيح، سمي بذلك لانه ينكره العقل من حيث أن العقل يقبل الحسن ويعترف به، ولايأباه وينكر القبيح ويأباه والانكار