(609) عليهم في إقامة الحجة. الثاني - قال الحسن ومجاهد وقتادة وأبومالك لعنوا على لسان داود، فصاروا قردة وعلى لسان عيسى، فصاروا خنازير. وانما ذكر عيسى وداود، لانهما انبه الانبياء المبعوثين بعد موسى (ع) ولماذكر داود أغنى عن ذكر سليمان، لان قولهما واحد. وقال أبوجعفر (ع) أماداود فلعن أهل ايلة لما اعتدوا في سبتهم وكان اعتداؤهم في زمانه، فقال: اللهم البسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة على الحقوين، فمسخهم الله قردة. وأما عيسى فلعن الذين أنزلت عليهم المائدة ثم كفروا بعد ذلك. الثالث - قال أبوعلي الجبائي: إنه إنما أظهر ذلك لئلا يوهموا الناس أن لهم منزلة بولادة الانبياء تنجيهم من عقوبة المعاصي. واللعن هو الابعاد من رحمة الله، فلعنه الله يعني أبعده الله من رحمته إلى عقوبته، ولايجوز لعن من لا يستحق العقوبة من الاطفال والمجانين والبهائم، لانه تعالى لا يبعد من رحمته من لا يستحق الابعاد عنها. وقوله: " ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " إشارة إلى اللعن الذي تقدم ذكره بمعصيتهم واعتدائهم. ف (ذا) لماقرب و (ذلك) لمابعد، لانه اجتزئ في دلالة الخطاب لما قرب بالاقبال عليه. وفي القريب بالاشارة اليه فلما بعد لم يصلح الاجتزاء فيهما كما يصلح فيما قرب، فاتى بالكاف للخطاب واكد ذلك باللام وكسرت لالتقاء الساكنين والكاف في ذلك حرف وفي غلامك إسم، ولهذا لم يؤكد بمايؤكد في غلامك لانك لا تقول ذلك نفسك. كماتقول في غلامك نفسك. وإنما قال: " بماعصوا وكانوا يعتدون " وإن كان الكفر أعظم الاجرام