( 11 ) المحاور بقدر ما فيه من لمح لتطور البحث الدلالي نظرياً ، مع احتفاظ الفكر الإسلامي والعربي بحق الابتداع للموضوع ، والابتكار في منهجية البحث ، مما يلقي نوعاً من التوجه نحو الجهود المبتكرة للدلالة اللغوية في ضوء النقد البلاغي في أرقى مقاييسه الفنية رؤية ومعاصرة . ولما كانت هذه المهمة في البحث مهمة نقدية وبلاغية ولغوية فقد أبعدنا السبق المنطقي ، والعرض الأصولي للمسألة ولسنا بصدد الخلط بين مفهوم الدلالة عند المناطقة باعتبارها تضمينة أو التزامية أو مطابقية ، وبين المفهوم البلاغي المتشابك للدلالة كما فعل الخطيب القزويني ( ت : 739 هـ ) تبعاً لأبي يعقوب السكاكي ( ت : 626 هـ ) . ولسنا نريد إضافة شيء على ما أفاده علماء الأصول في مباحث الألفاظ باعتبارها تشخص صغريات أصالة حجية الظهور في الأمر والنهي ، والمفاهيم ، والعام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والتعارض على وجه . فهذه كلها مباحث أصولية وعليها مسحة دلالية ، لاشك في هذا ، ولكنها مباحث تتعلق بالألفاظ خالصة من حيث إفادتها أحكاماً شرعية معينة ، بل هي ضوابط أساسية فيما يستفيده المجتهد لدى عملية الاستنباط ، وبناء الحكم على أصل من دلالة اللفظ المتبادرة اليه فيما يحتمله لسان الشارع المقدس . ولسنا بأزاء بيان هذا الأصل أو الخوض فيه ، فضلاً إلى أن السبق المنطقي والعرض الأصولي ، وأن تعلقاً بالبحث هامشياً ، إلا أنهما من المباحث المستفيضة التي كتبت ودوّنت وطوّرت ونضجت واستقرت بمنهج ثابت في المنطق وأصول الفقه لا سيما عند الأستاذ الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري ( ت : 1281هـ ) والتعرض لهما حديث عنهما لاعن النقد البلاغي . كما هي الحال في محاضرات زعيم الحوزة العلمية الإمام الأكبر السيد أبو القاسم الخوئي ( قدس سره ) وإفاضاته الأصولية المتطورة . إذن : هذا العرض بعيد عن المفاهيم المقحمة بالنقد والبلاغة نتيجة تأثير البيئة الكلامية ، وسيطرة المنطق ، وسيرورة علم الأصول ، وإنما هو كشف دلالي لصميم المخزون التراثي من النقد البلاغي في ضوء المتغيرات الأوروبية المتواجدة . ومن خلال التطبيق القرآن العظيم .