(12) عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة عليهم، وأن الله بعث عيسى عليه السلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيا به الموتى، وأبرأ الاكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجة عليهم. وأن الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام ـ وأظنه قال: الشعر ـ فأتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجة عليهم ؛ قال: فقال ابن السكيت: تالله ما رأيت مثلك قط، فما الحجة على الخلق اليوم ؟ فقال عليه السلام: العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه ؛ فقال ابن السكيت: هذا والله هو الجواب (1). ولم يكن الأنبياء ليستعملوا الطريق الطبيعي في المعجز، وإنما كانوا يتحدون هذا الطريق، فموسى تحدى سحر السحرة ( وَأُلقِىَ السَّحَرَةُ ساَجِدِينَ * قَالُوا ءَامَنَّا بِرَبِّ العَلَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * ) (2) فكان إعترافهم بصحة دعوى موسى دليلاً على إعجازه، لأن ما جاء به ليس من سنخ ما يعرفون. وعيسى لم يستعمل مضادات الأمراض، وإعطاء الدواء، فيحقق سبقاً طبياً، وإنما كان يبرئ الاكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله دون وسائل الأطباء والرسول الأعظم لم يصك العرب ببلاغة القرآن، إلا لأنهم أئمة البلاغة وأرباب البيان، ولكنه من الله: ( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِآلْيَمِيِنِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ * ) (3). فكله من عند الله ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وُحْىٌ يُوحَى * ) (4) قال الجاحظ ( ت: 255 هـ ) " ولأن رجلاً من العرب لو قرأ على رجل من ____________ (1) الكليني، الأصول من الكافي: 1 / 24. (2) الأعراف: 120 ـ 122. (3) الحاقة: 44 ـ 46. (4) النجم: 3 ـ 4.