[383] فالكائن الوحيد الذي يعيش حياةً جماعيةً غير مقيّدة وتتطور وتتكامل هو الإنسان، والدليل على ذلك هذا النمو والتطور وسيادة العلم والعقل على حياته الاجتماعية. وهنا بحوث كثيرة لو اردنا الولوج فيها سنخرج من اطار البحث التفسيري ولكن يبدو من الضروري التذكير ببعض الامور:1 ـ ما هو منشأ رغبة الإنسان للحياة الاجتماعية؟ ـ هنالك آراء مختلفة، ويبدو اكثرها صواباً هو انه مزيجٌ من الحوافز "الغريزية" و "العاطفية" و "الفكرية" فالعقلُ يقول ان التكاملَ ممكنٌ في ظل الحياة الاجتماعية فقط سواء كان معنوياً أو عادياً، لأنَّه من البديهي إذا اراد فردٌ أو اسرةٌ ان تعيش بانعزال عن الآخرين، فلا وجود لهذه العلوم والمعارف ولا هذه الصناعات والاختراعات والابداعات، فلا شك انّها حصلت من خلال استثمار تكدُس الطاقات الفكرية والجسمية، ونقل كلُ جيل تجاربه إلى الاجيال الأُخرى، واثمرت هذه الظواهر الجبارة من خلال تكدُّسها. ومن ناحية أُخرى فانَّ الإنسان يميل إلى هذه الحياة من خلال حافز ذاتي وعاطفي، فهو يضجر من العزلة، ويشعر باللذة من خلال حديثه وجلوسه وقيامه مع رفاقهِ، وسجنُ الوحدة يمثل أقسى عذاب بالنسبة له، وقد اثبتت تجارب العلماء انَّ العزلة لو استمرت فستؤدي إلى اضطرابات نفسية على مدى فترة قصيرة، وبغض النظر عن منافع التعايش الجماعي فان هذا يُؤكد على انَّ الإنسان يرغبُ بطبعهِ في هذا التعايش. 2 ـ لقد اعتبر الاسلامُ الحياةَ الاجتماعيةَ للبشر من اهم مبادئه، ولم يهتم بها في العلاقات السياسية والاقتصادية فقط بل حتى في مسألة العبادات التي تعتبر علاقة بين الخلق والخالق، فاعطى للعبادات الجماعية (صلاة الجماعة) صلاة الجمعة ومناسك الحج، اهميةً لا مثيل لها. فماهية الصلاة، والاذان والاقامة تُحفزُ الجميع لصلاة الجماعة، ويبرهن ضميرُ الجمع الوارد في سورة الفاتحة، والسلام الذي في خاتمة الصلاة، على ان