( 6 ) قاصدا اليها بالذات باسطلاح المجاز . وباستثناء هذه البادرة التي أفردت المجاز القرآني بالمعنى الموما إليه في كتاب خاص ، فقد وجدنا " مجاز القرآن " في مصنفات الرواد الأوائل ، قد ورد عرضا في الاستطراد ، أو جاء فصلا من باب ، أو استغرق بابا في كتاب . ومن هنا كانت القيمة الفنية لم تتوافر مظاهرها على الأقل في جهد متميز في " مجاز القرآن " فلم تتضح أجزاؤه البلاغية في كتب المفسرين والبيانيين معا ، لأنه يبحث جزءا من كلي إعجاز القرآن ، وحسن نظمه ، وجودة تأليفه ، واشتماله على مفردات بلاغة العرب في أفضل الوجوه ، وذلك عند علماء التفسير وإعجاز القرآن ، وقد يفرد في فصل عائم في الخضم البلاغي المتلاطم باعتباره أحد أمثلة البيان ، والبيان والمعاني والبديع أركان البلاغة عند البالغيين القدامى . أما الدراسات الحديثة فمع اهتمامها بالقرآن ، الا أنها فيما يبدو لي أهملت مجازه إهمالا ملحوظا يحسّ به الباحث لدى الأستقراء ، وقد لا يكون هذا الإهمال مقصودا اليه ، وإنما جاء نتيجة طبيعية لدراسته ضمن فصول البيان العربي وهي : المجاز والتشبيه والأستعارة والكناية ، فكان فرعا من أصل ، ومفردة من علم ، ولم يحظ بدراسة مستقلة تهدف الى سبر حسّه النقدي ، وإيحائه اللفظي ، وثروته اللغوية ، وعمقه البياني ، وتنميته الجمالية ، وهو ما تحاوله هذه الدراسة . وكانت منهجية هذه الدراسة تتمثل في خمسة فصول : الفصل الأول : وهو بعنوان : مجاز القرآن في الدراسات المنهجية ، وهو فصل تاريخي بلاغي بآن واحد ، تتبع مجاز القرآن عند الروّاد الأوائل ، وتمحض له بإطاره البلاغي العام ، ووقف عند ثمراته في مرحلة التأصيل ، وتحدث عنه في جهود المحدثين . الفصل الثاني : وهو بعنوان : مجاز القرآن وأبعاده الموضوعية ، وهو فصل تحليلي في ضوء النقد الموضوعي ، بحث : حقيقة المجاز بين اللغة والاصطلاح ، ووقوع المجاز في القرآن الكريم ، وتقسيم المجاز القرآني وتعدد القول فيه ، والخلوص الى ان مجاز القرآن : عقلي ولغوي فحسب ،