( 5 ) بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة هذه دراسة منهجية لمعلم بارز من معالم البلاغة القرآنية ، تحتضن " مجاز القرآن " في خصائصه الفنية وبلاغته العربية ، وتمتد لجذوره الأولى بالبحث والكشف ، وتستوعب أصنافه البيانية بالإيضاح والإبانة ، أخذت من القديم أصالته وروعته ، واستلهمت من الحديث تطوره ومرونته ، فانتظم هذا وذاك في مناخ تصويري متكامل ، يعنى من مجاز القرآن بالعبارة حينا ، وبالأسلوب حينا آخر ، وبألفاظ فيما بينهما ، ويخلص في مهمته الى رصد القدرة الإبداعية الناصعة ، ولمس الأداء التعبيري المتطور في لغة القرآن العظيم . ويعود السبب في اختيارنا " مجاز القرآن " مادة لهذا البحث ، جدة موضوعة ، ودقة أبعاده ، ووفرة خصائصه ، مما يوصلنا الى المغلق في هذا الفن ، ويوقفنا على المجهول من هذا المنظور . لقد بحث مجاز القرآن على صعيد لغوي خالص عند القدامى ، ولم تمتد يد الباحثين الى قيمته البلاغية عملا مستقلا ، ولم نجد من حقق القول في حدّه الاصطلاحي أو بعده الموضوعي ، أو أصالته البيانية ، بل كان موضوعه في البحث باعتباره أصلا لغويا في المفردات ، ومعبرا تفسيريا للكلمات تلك مظنة كتب معاني القرآن ، ومعاجم غريب القرآن . وكان لا بد لهذه القاعدة أن تشذ ، ولهذا الإطراد أن يتزلزل ، فجاء " تلخيص البيان " للشريف الرضي ( ت : 406 هـ ) متخصصا في مجازات القرآن ، ولكنه المجاز بالمعنى العام الذي يشمل الأستعارة والتمثيل والتشبيه والكناية والتورية في جملة ما ورد عرضه فيه مؤكدا الأستعارة ان لم يكن