( 20 ) ثمّ إنّ نظرةً اخرى إلى الدين الإسلاميّ نفسه تشهد بأنّ الأحكام والمناهج الإسلاميّة تقتضي ـ بنفسها ـ قيام مثل هذه الدولة وذلك من جهتين : الاُولى: أنّ الإسلام يدعو ـ في أكثر من نصّ ـ إلى الوحدة بين أبنائه وأتباعه، وينهى عن التشتُّت والفرقة والاختلاف حتّى عرف الإسلام بأنّه بني على كلمتين: "كلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة" قال القرآن الكريم: ( وَأنّ هَذَا صِراطِى مُسْتَقِيمَاًَ فَاتّبِعُوهُ وَلاَ تَتّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)(الأنعام: 153). وقال تعالى: (وَاعْتصِمُواْ بحَبْلِ اللّهِ جميعاً وَلا تَفَرّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ اَعْدَاءً فَأَلّـفَ بَيْنَ قُلُـــوبِكـُمْ فَأَصْبَحْتُـــمْ بِنِعْمَتـــِهِ إِخْـــوَاناً)(آلعمران:103). وقال تعالى: (إِنّما الْمُؤمِنُونَ إِخْوةٌ )(الحجرات: 10). وقال تعالى: ( وَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِِهِمْ لَوْ اَنْفَقْتَ ما فِى الأرْضِ جَمِيعاً مَا أَلّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنّ اللّهَ أَلّفَ بَيْنَهُمْ إِنّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )(الأنفال: 63). فإنّ اللّه يمنُّ على النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم أنّه وحّد بهداه قومه، وهو يعني أنّ التوحيد ورصّ الصفوف هو غاية الإسلام الأكيدة. إلى غير ذلك من الآيات التي تكشف عن أنّ القرآن يريد وحدة الاُمّة الإسلاميّة. ولذلك قال النبيّ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم: "من أتاكم وأمركم جميع( مجتمع) على رجل واحد، يريد ان يشقّ عصاكم أو يفرّق جماعتكم فاقتلوه"(1). وقال صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم أيضاً: "مثل المؤمن من المؤمن كالبنيان المرصوص يشدُّ بعضه بعضاً"(2). وقال الإمام عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ في هذا الصّدد: "والزموا السّواد الأعظم، ــــــــــــــــــــــــــــ 1- أخرجه مسلم في صحيحه كما في جامع الاُصول في أحاديث الرسول 3:48. 2- مسند أحمد 4:404 ورواه غيره من أصحاب الصّحاح والسُّنن.