( 14 ) فها هو "أرسطو" كبير الفلاسفة القدامى وزعيمهم يقول: "إنّ الدولة من عمل الطبع، وإنّ الإنسان بالطبع كائن اجتماعيّ، وإنّ الذي يبقى متوحّشاً ـ بحكم النظام لا بحكم المصادفة ـ هو على التحقيق إنسان ساقط أو إنسان أسمى من النوع الإنسانيّ"(1). فإذن; تعتبر الدولة ـ حسب رأي أرسطو ـ حاجة طبيعيّة تقتضيها الفطرة الإنسانيّة بحيث يعدُّ الخارج على الدولة ونظامها وتدبيرها إمّا متوحّشاً ساقطاً، أو موجوداً يفوق النوع الإنساني، ويخلو عن الطبيعة البشريّة. وها هو "أفلاطون" يرى : "أنّ أفضل حياة للفرد لا يمكن الحصول عليها إلاّ بوجود الدولة، لأنّ طبيعة الإنسان م آلها إلى الحياة السياسيّة، فهي من الاُمور الطبيعيّة التي لا غنى للناس عنها"(2). وهذا هو ابن خلدون يستدلُّ على ضرورة وجود الدولة والحكومة بضرورة الاجتماع الإنساني التي يعبّر عنها في اصطلاح الحكماء بعبارة : "أنّ الإنسان مدنيّ بالطبع". ثمّ يستدلُّ على ذلك حتى ينتهي إلى إثبات ضرورة إيجاد الحكومة والدولة(3). وأمّا من المفكّرين المعاصرين; فيكتب ثروت بدوي : "إنّ أوّل مقوّمات النظام السياسيّ هو وجود الدولة، بل إنّ كلّ تنظيم سياسيّ للجماعة يفترض وجود الدولة، حتّى أنّ البعض يربط بين مدلول السياسة وفكرة الدولة، ولايعترف بصفة الجماعة السياسيّة بغير الدولة"(4). هذا وما جاء في الإسلام و ورد من نصوص وسيرة أكثر دلالةً، وأقوى برهنةً على لزوم إيجاد الدولة في الحياة البشريّة، من أيّ دليل آخر. ــــــــــــــــــــــــــــ 1- السياسة:96 ترجمة أحمد لطفي. 2- الجمهوريّة بتلخيص. 3- مقدّمة ابن خلدون:41 ـ 42. 4- النُّظم السياسيّة:1ـ 7 .