( 649 ) الحكومة ضرورة اجتماعية بالرغم من تصوّر البعض بأنّ "الحرية" وقيام "السلطة الحكومية" أمران متناقضان لا يجتمعان أبداً وأنّ صيانة الحرية الفردية تقتضي ـ بالضرورة ـ أن تحذف "الحكومة والدولة" من قاموس الحياة البشرية. وبالرغم من تصوّر أنّ الدول والحكومات هي ما تتألف ـ دائماً ـ من الأقوياء، وتراعي حقوقهم ومصالحهم على حساب حقوق الضعفاء ومصالحهم. وكذا بالرغم من تصوّر أنّ الإنسان طيب ذاتاً وأنّه مخلوق عاقل وعالم فلا حاجة إذن إلى وجود دولة تنظم أُموره وتدبّر شؤونه وتحفظ مصالحه. على الرغم من جميع تلك التصوّرات والمزاعم التي تكشف عن نوع من السفسطة والسذاجة ولا تنتج سوى الفوضى والهرج والمرج فإنّ ضرورة وجود حكومة في حياة البشر في غاية الوضوح بحيث لا يحتاج إلى دليل وبرهان أبداً. إنّ الضرورة تقضي بقيام دولة تصون الحريات الفردية إلى جانب المصالح الاجتماعية وتسعى في تنظيم الطاقات وتنمية المواهب، وتوقف أبناء المجتمع على واجباتهم، وتجري القوانين الإلهية أو البشرية. ولأجل هذا اعتبر جماعة من الفلاسفة والعلماء الكبار، (كإفلاطون وأرسطوا وابن خلدون وغيرهم(1)، وجود الدولة ضرورة حيوية لا بد منها. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . مقدمة ابن خلدون: 41 ـ 42.