( 635 ) انحصار حق الطاعة في اللّه سبحانه تعتبر مسألة التوحيد في الطاعة من أهم مسائله والمراد منه الاعتقاد بأنّه ليس هناك من تجب طاعته بالذات إلاّ اللّه تعالى، فهو وحده الذي يجب أن يُطاع وتمتثل أوامره، وأمّا طاعة غيره فإنّما تجوز إذا كانت بإذنه و أمره وإلاّ تكون محرمة، ووجه ذلك هو أنّ الطاعة من شؤون المالكية والمملوكية، ومن فروع الربوبية والمربوبية، فالمالك للوجود بأسره ورب الكون الذي منه وإليه كل شؤوننا هو الذي يجب أن يُطاع دون سواه، ولا تعني الطاعة ـ في الحقيقة ـ سوى أن نضع ما وهبنا من آلاء ونعم بما في ذلك "وجودنا" و "إرادتنا" ـ في الموضع الذي يرضاه ولا ريب أنّ المروق من هذه الطاعة لا يكون إلاّ ظلماً تقبّحه العقول السليمة، وتنفر منه الطباع المستقيمة. وبعبارة أوضح: أنّ التوحيد في الطاعة يعد في الحقيقة من شؤون التوحيد في الأفعال. فعندما نعتقد بأنّه ليس للكون إلاّ خالق ومنعم واحد وأنّ وجود العالم مستمد من ذلك الخالق المنعم، في هذه الصورة يتعين بالضرورة أن نعترف بأنّه ليس في الوجود سوى مطاع واحد هو الذي تجب طاعته دون غيره، وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللّهِ وَاللّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(1). ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . فاطر: 15.