( 625 ) ولأجل هذا يستنكر القرآن الكريم بشدة ـ في هذه السورة اتباع طلب النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ـ لآراء الناس ومشتهياتهم فيقول: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِير مِنَ الأمْرِ لََعَنِتُّم)(1). أي لأصابكم بسبب ذلك العنت والنصب. وهنا يمكن أن ندرك عمق ما قاله الإمام أمير المؤمنين علي ـ عليه السَّلام ـ ، إذ قال: "لأنسبنّ الإسلام نسبة لم ينسبها أحد من قبلي، ألا وإنّ الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء ، والأداء هو العمل" .(2) ماذا يراد من الشرك في التشريع؟ إذا وقفت على مضامين هذه الآيات وعرفت أنّ اللّه تعالى لم يعط زمام التشريع لأحد من عباده، تقف على أنّ العدول عنه عدول عن جادة التوحيد وتورط في الشرك . إنّ التقنين والتشريع من الأفعال الإلهية التي يقوم سبحانه بها حسب، فلو أنّ أحداً اعتقد بأنّ غير اللّه يملك هذا الحق إلى جانب اللّه وإنّ الحبر اليهودي أو الراهب النصراني مثلاً أو من يشاكلهما له الحق في أن يسن للناس القوانين، ويعين من لدن نفسه لهم الحلال والحرام، فإنّه اتخذ سوى اللّه ربّاً ، وبذلك نسب فعل اللّه إلى غيره، وتجاوز حد التوحيد بتعميم هذا الحق على غيره سبحانه ، وكان بذلك مشركاً. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . الحجرات: 7. 2 . نهج البلاغة الكلمات القصار: الرقم 120.