( 618 ) في حين أنّ "الشريعة" تعني مجموعة التعاليم الأخلاقية والاجتماعية التي يمكن أن ينالها التغيير مع مرور الزمن وتطور المجتمعات وتكامل الأُمم، ولذلك لا يضير استعمال هذه اللفظة في صورة الجمع فيقال "شرائع" وقد صرح القرآن بتعدّد الشريعة. فهو رغم تصريحه بوحدة الدين ـ كما مر في الآية السابقة ـ يخبر عن وجود شريعة لكل أُمّة ويكشف بذلك عن تعدد الشريعة، إذ يقول: (لِكُلّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجَاً).(1) وعلى هذا فإنّ البشرية دُعيت في الحقيقة إلى دين واحد وهو الإسلام الذي كان متحد الأُصول في كل الأدوار والأزمنة، وكانت الشرائع في كل زمن وظرف طريقاً للوصول إلى الدين الواحد ولم تكن الشرائع إلاّ طرقاً للأُمم والأقوام، لكل قوم حسب مقتضيات عصره ومدى احتياجه. وأمّا الملّة، فهي بمعنى السنن التي بها تتقوّم الحياة البشرية وتستقيم، تلك السنن التي أودع في مفهومها "الأخذ والاقتباس من الغير" . ولذلك يضيف القرآن الكريم هذه العبارة ـ لدى استعمالها ـ إلى الرسول والأقوام، إذ يقول ـ مثلاً ـ : (بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً).(2) (إِنّي تَرَكْتُ مِلّة قَوْم لا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ).(3) وعلى هذا تكون الملّة والشريعة متحدتين معنى ومفاداً، مع فارق واحد، هو ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . المائدة: 48. 2 . البقرة: 135. 3 . يوسف: 37.