( 613 ) كما يقول: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(1) إنّ للنبي ـ بحكم هذه الآية والآيات الأُخر ـ وظيفتين: الأُولى: تلاوة القرآن وقراءته على الناس حسبما نزل به الروح الأمين على قلبه، قال سبحانه : (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث)(2)، وقوله سبحانه : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ).(3) الثانية: بيان أهدافه ومقاصده، ويشير إليه قوله تعالى: (لتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ)، ولا منافاة بين أن يكون بيان القرآن على عاتق الوحي، كما يفيده قوله: (ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)وبين أن يكون بيانه من وظيفة النبي، لأنّ ما يبينّه الرسول مستند إلى الوحي والتعليم الإلهي. كما أنّه لا منافاة بين أن يكون النبي مبيّناً لمقاصد القرآن، وأن تكون طائفة من الآيات معلومة عند أهل اللسان، مع قطع النظر عن بيان النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، كيف لا، و القرآن نزل بلسان عربي مبين، قال سبحانه : (وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)(4)، وقال سبحانه : (نَزَلَ بِهِ الرْوحُ الأمِينُ *عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَان عَرَبِّي مُبِين)(5) ، وقال سبحانه : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر).(6) نعم لا منافاة بينهما لأنّ القرآن مشتمل بالضرورة على المجملات في كثير من ــــــــــــــــــــــــــــ 1 . النحل: 44. 2 . الإسراء: 106. 3 . القيامة: 16 ـ 19. 4 . النحل: 103. 5 . الشعراء: 193 ـ 195. 6 . القمر: 17.