( 610 ) من الأحكام والقوانين. فقوله: (يَحرِفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعَه) إشارة إلى أنّهم يخالفون ما قرر اللّه لهم من الأحكام. وقوله: (أَكّالُونَ لِلْسُّحْتِ) يُراد منه أنَّهم كانوا يحرمون حلال اللّه ويحلّون ما حرمه. وأبلغ من كل ذلك قوله: (وَعِنْدَهُمْ التَّوراة فِيهاحُكمُ اللّهِ) . وقوله: (إِنّا أَنْزلْنا التَّوراة فِيها هُدى وَنُور يَحْكُم بِها النَّبِيُّون) . وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَل اللّه فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُون) . وقوله: (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها انَّ النَّفْسَ...) . وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَل اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُون) . وقوله: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيل بِما أَنْزَل اللّه فِيهِ) . وقوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَل اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُون) . فهذه المقاطع توضح لنا أنّ ممنوعية التقنين على البشر لم تكن في الإسلام فحسب، بل كانت في كل الشرائع السماوية والماضية، وإن حق التقنين حق منحصر باللّه فقط، فهو من شأنه وفعله تعالى خاصة، ولم يفوّض هذا الحق إلى أحد أبداً، أليس هذا القرآن يصف كل من يستبدل النظام الإلهي بغيره، بالكفر تارة، وبالظلم أُخرى، وبالفسق ثالثة. فهم كافرون، لأنّهم يخالفون التشريع الإلهي بالرد والإنكار والجحود . وهم ظالمون، لأنّهم يسلمون حق التقنين الذي هو خاص باللّه إلى غيره.