( 38 ) والالتفات إلى ما وراء المادة .. وإنّما الخلاف وقع في خصوصيات هذا الاعتقاد وليس في جوهره وأصله. وبهذا يتضح أنّ الصراع قام حول التفاصيل والخصوصيات، وأمّا أصل العقيدة والإيمان بوجود اللّه فقد اتفقت عليه كلمة البشرية على مدار التاريخ الإنساني الطويل. هل وجود اللّه بديهي؟ لقد اعتبر بعض العرفاء "وجود اللّه" في العالم أمراً بديهياً، وادّعوا بأنّ استنباط هذه الحقيقة من آيات القرآن والوقوف عليها استنباط واضح ولا يحتاج إلى الاستدلال عليه والتفكير مطلقاً. وكأنّ "توماس كارليل" الفيلسوف الانجليزي قد انتزع مقالته التالية من هذا التصور والاعتقاد إذ قال: إنّ الذين يريدون إثبات وجود اللّه بالبرهان والدليل ما هم إلاّ كالذي يريد الاستدلال على وجود الشمس الساطعة الوهّاجة بالفانوس.(1) ولدى مراجعة الآيات القرآنية والأدعية الواردة عن أهل بيت النبي ـ عليهم السَّلام ـ يمكن الوقوف على إشارات جلية إلى هذا المطلب، ونعني بداهة "وجود اللّه".(2) 1 . گلشن راز: 51. 2 . ليس المراد من البداهة أن لا يختلف فيه اثنان أو لا يحتاج إلى تذكير مذكر بل للبداهة مراتب بعضها يحتاج إلى تذكير مذكر أو إشارة مشير، وربما يحتاج التصديق به إلى تخلية النفس من الرواسب والآراء السابقة، ولأجل ذلك لا مانع من أن يكون وجود اللّه معنى بديهياً وإن اختلف فيه الناس والفلاسفة.