( 409 ) وقد ارتكب مثل ذلك في خراسان والري و همدان وبلد الجبل ثمّ آذربيجان إلى كثير من الاَقطار والاَصقاع، ولم يتوقّف هجومهم على فتح بغداد حتى وصل جيش العدو إلى عين جالوت وغزة في فلسطين، وكانت الاَُمنية الكبرى للعدو هو الاستيلاء على الشامات ثمّمصر، والزحف وإن توقّف بتدبير الملك الظاهر بيبرس، ولكنّ العدو بقى يهاجم الشام بين الحين والآخر، وهذا هو اليافعي يقول في تاريخه في حوادث سنة (702هـ): "طرق غازان بالشام ولكن انهزم عند سور دمشق و تفرّقت جيوشه، ثمّ جهّز غازان جيوشه فساروا إلى مرج دمشق وتأخّر المسلمون وبات أهل دمشق في بكاء واستغاثة باللّه وخطب شديد وقدم السلطان وانضمت إليه جيوشه".(1) وقد امتدّ الدمار إلى أواخر القرن الثامن، وقد أدّى ذلك إلى مجزرة للمسلمين عامّة والعلماء من بينهم خاصة، فأُحرقت مكتباتهم، ودمّرت آثارهم في ذينك القرنين، حيث ابتدأت الحروب التترية عام (616هـ)، و انتهت عام (807هـ) بموت تيمور لنگ الذي تظاهر هو بالاِسلام وبعض من قبله، ولكن لم تزل القلوب مضطربة باستيلاء هوَلاء على المناطق الاِسلامية. وعلى ضوء هذا التحليل الاِجمالي للوضع المأساوي في ذينك القرنين لا عجب من قلّة العثور على أعلام التفسير فيهما أو قلّة العناية به جرّاء القلاقل، حيث إنّ التأليف والتصنيف يتوقّف على توفّر الاَمن والهدوء، فلا عتب علينا إذا لم نقف إلاّ على فئة قليلة من أعلام التفسير في هذين القرنين، ولعلّ الداثر أكثر من الباقي. هذا من جهة، ومن جهة أُخرى لما استقرت السلطة التترية في المناطق ____________ (1)مرآة الجنان:4|234ـ 235.