( 402 ) علم التفسير وما كتب فيه على مرّ القرون. كلّ من أُولئك يتبيّن كيف وفِّق الموَلّف رضوان اللّه عليه للوفاء بكلّ ما قال في المقدّمة من علوم القرآن المتعدّدة، وإلى أيّمدى عال مرموق بلغ من ذلك كلّه، وبأيّ أُسلوب بليغ عالي المنزلة عالج النواحي التي عالجها،وبأيّ أمانة وصدر رحب نقل ما نقل من آراء مخالفيه في الرأي أو المذهب، على ندرة هذه الخطة الاَخيرة بين غير قليل من العلماء الذين يتصدون للتأليف في العلوم والفنون التي يكثر فيها الاختلاف، ويشتدّ، كما ترى بوضوح في كثير من الموَلّفات في علم الكلام، وعلم الفقه.(1) يقول الطبرسي في مقدمة مجمع البيان: ابتدأت بتأليف كتاب هو في غاية التلخيص والتهذيب وحسن النظم والترتيب، يجمع أنواع هذا العلم وفنونه، ويحوي فصوصه وعيونه، من علم قراءاته وإعرابه، ولغاته وغوامضه ومشكلاته، ومعانيه وجهاته، ونزوله وأخباره، وقصصه وآثاره، وحدوده وأحكامه، وحلاله وحرامه، والكلام على مطاعن المبطلين،وذكر ما ينفرد به أصحابنا ـ رضي اللّه عنهم ـ من الاستدلالات بمواضع كثيرة منه على صحّة ما يعتقدونه من الاَُصول والفروع والمعقول والمسموع على وجه الاعتدال والاختصار، فوق الاِيجاز ودون الاِكثار ـ إلى أن يقول: ـ إنّي قد جمعت في عربيته كلّغرّة لائحة، وفي إعرابه كلّحجّة واضحة، وفي معانيه كلّ قول متين، وفي مشكلاته كلّبرهان مبين، وهو بحمد اللّه للاَديب عمدة، وللنحوي عدّة،، وللمقرىَ بصيرة، وللناسك ذخيرة، وللمتكلّم حجّة، وللمحدّث محجّة، وللفقيه دلالة، وللواعظ آلة.... ____________ (1)الدكتور محمد يوسف موسى الاَُستاذ بكلية أُصول الدين في القاهرة مجلة رسالة الاِسلام، العدد الاَوّل من السنة الثانية ص 68.