( 15 ) ارتفاعهما من المسائل البديهية في الحكمة النظرية. فهكذا الاَمر في الحكمة العملية فمسائلها تنقسم إلى بديهية وغير بديهية، ويستنبط حكم الثانية من الاَُولى. والتحسين والتقبيح من المسائل البديهية في الحكمة العملية، وقد حازتا على اهتمام واسع نظراً لدورهما في استنباط سائر مسائل الحكمة العملية. ولاَجل إيضاح المراد نقول: إنّتحسين بعض الاَفعال وتقبيحها من الاَُمور البديهية للعقل، ويدلّك على ذلك اتّفاق عامة العقلاء مع اختلاف ثقافاتهم وبيئاتهم على وصف أفعال بالحسن، وأفعال أُخرى بالقبح، نظير: أ: حسن العدل وقبح الظلم. ب: حسن العمل بالميثاق وقبح نقضه. ج: حسن جزاء الاِحسان بالاِحسان و قبح جزائه بالسيّء. د: حسن الصدق وقبح الكذب. هـ: حسن أداء الاَمانة وقبح الخيانة بها. إلى غيرها من الاَُمور التي لا يختلف فيها اثنان، وهذا يدل على أنّتلك الاَفعال موصوفة بالحسن والقبح بالبداهة، وإلاّ لما اتفق عليه العقلاء كافة، ولذلك قلنا: إنّ التحسين والتقبيح أمران عقليان. * الثاني: إنكار إدراك العقل يلازم النفي مطلقاً لقد أنكرت الاَشاعرة قابلية إدراك العقل حسنَ الاَفعال وقبحها ، وذهبوا إلى أنّ القضاء بالتحسين والتقبيح بيد الشرع، فكلّ ما أخبر بحسنه فهو حسن،