( 14 ) وقبل أن نخوض في تفسير الآيات، نشير إلى مقدمة، وهي: إنّ العدلية تصف اللّه سبحانه بالعدل بالمعنى المتفق عليه بين العقلاء، وبرهانها على ذلك هو انّالعقل قادر على تمييز الحسن عن القبيح، والعدل عن الظلم، واللّه سبحانه بما انّه حكيم لا يجور أبداً، فهاهنا دعويان: الاَُولى: انّ العقل له القابلية على تمييز الحسن عن القبح، وانّ التحسين والتقبيح من الاَُمور المنوطة بقضاء العقل. الثانية: إذا تبيَّن أنَّ العدل حسن و الظُّلم قبيح فاللّه سبحانه موصوف بالعدل، نزيه عن فعل الظلم. وإليك بيان كلا الدعويين. أمّا الدعوى الاَُولى فتدلُّ عليها أُمور: الاَوّل: التحسين والتقبيح من الاَُمور البديهية إنّ التحسين والتقبيح من الاَُمور البديهيَّة التي يدركها كلّ إنسان سليم الفطرة، فمثلاً يدرك انّ العمل بالميثاق حسن، والتخلّف عنه قبيح، أو انّ جزاء الاِحسان بالاِحسان جميل، وجزاءه بالسيّء قبيح.وهكذا سائر الاَفعال التي توصف بالحسن والقبح. وموضوع قضاء العقل بالحسن والقبح هو نفس الفعل بما هوهو، سواء أكان الفاعل واجباً أم ممكناً، خالقاً أم مخلوقاً، فيوصف الفعل من أي فاعل صدر بأحد الوصفين. وبعبارة أُخرى: كما أنّمسائل الحكمة النظرية تنقسم إلى نظرية وبديهية، ويستنبط حكم الاَُولى من الثانية، ولذلك عدّوا مسألة امتناع اجتماع النقيضين أو