( 24 ) يجعل الجنات، و هو الّذي يجعل الاَنهار، وكلّهذه الاَُمور جوانب و صور من التدبير . إنّ الحوار الدائر بين النبي إبراهيم و طاغوت عصره نمرود يكشف القناع عن معنى الربّ و الربوبية فالآية التالية تتضمن مضمون الحوار و إليك نصّها قال سبحانه: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذي حاجَّ إِبْراهيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاه اللّهُ الملك إِذْ قالَ إِبْراهيم رَبّي الّذي يحي و َيُميت قالَ أَنَ أُحْيى و َ أُميت قالَ إِبْراهيم فانّ اللّه يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرق فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الّذي كَفَرَوَ اللّهُ لا يَهْدِي القوم الظّالمين" (البقرة|258). فكأنّ نمرود كان يدعى أنّه ربّ من يسوسهم بدليل انّإبراهيم إبتدأ كلامه بقوله: "ربّي الّذي يحيى و يميت" ومعناه لو كنت صادقاً في ادعاء الربوبية فعليك القيام بشوَون الربوبية كالاحياء و الاماتة و لما فوجىَ بهذا البرهان الدامغ المبطل لاِدعائه السخيف حاول أن يفسر كلام إبراهيم بشكل خاطىَ قال أنا أيضاً أملك الموت والحياة فأقتل من أشاء و أحقن دم من أُريد، فعندئذٍ عدل إبراهيم إلى حجّة أُخرى ليقطع الطريق عليه و لايكون في وسع نمرود أن يعارضها فقال: أنّ ربّي له سلطان على الشّمس في طلوعها و غروبها فلو صحّ انّك ربّ فقم بهذا العمل" فأنّ اللّه يأتي بالشّمس من المشرق فأت بها من المغرب" فلما سمع نمرود هذا الدليل القاطع و أيقن انّه ليس في وسعه المعارضة سكت و لم ينبس ببنت شفه يقول سبحانه "فَبُهِتَ الّذي كَفَرَ" . لم يكن النزاع بين النبي إبراهيم و نمرود في خالقيته إذ لا يدعيها إلاّ المصاب بعقله بل في ربوبيته لمن كان يسوسهم فكان إبراهيم يدعي انّه لا ربّ إلاّ ربّ واحد و أنّ الكون بأجمعه مربوب للّه و لم يكن هناك أي تقسيم للربوبية و لكن نمرود كان يعتقد بربوبية نفسه و كانت حجّته أنّه ذا سلطة و ملك كمايحكى عنه قوله سبحانه: "إن آتاه اللّه الملك" فجعل ذلك دليلاً على ربوبيّته لمن كانوا