( 9 ) القبيحة، ومصدر كل شر، وفي المقابل أنّ الاِيمان بالآخرة هو منشأ كل حسنة ومنبع كلّ خير وبركة، فكلّ وصف سوء وقبيح يلزم الاِنسان ويلحقه، فإنّما يأتيه من قبل عدم الاِيمان بالآخرة، كما أنّ كلّ وصف حسن يلزم الاِنسان ينشأ من الاِيمان بها، وبذلك ظهر معنى قوله: (لِلَّذينَ لا يُوَْمِنُونَ بِالآخِرَة مَثَل السَّوء) الذي يدلّ بالملازمة للذين يوَمنون بالآخرة لهم مثل الحسن. وأمّا قوله سبحانه: (وَللهِ المَثَلُ الاََعلى) فمعناه أنّه منزّه من أن يوصف بصفات مذمومة وقبيحة كالظلم، قال سبحانه: (ولا يَظلم رَبُّك أَحداً ). (1) وفي الوقت نفسه فهو موصوف بصفات محمودة. فكلّ وصف يستكرهه الطبع أو يردعه العقل فلا سبيل له إليه، فهو قدرة لا عجز فيها، وحياة لا موت معها إلى غير ذلك من الصفات الحميدة، بخلاف ما يقبله الطبع فهو موصوف به. وقد أشار إلى ذلك في غير واحد من الآيات أيضاً، قال: (وَلَهُ المَثَلُ الاََعلى فِي السَّماواتِ وَالاََرْضِ ) (2) وقال: (لَهُ الاََسْماءُ الحُسْنى ) (3)، فالاَمثال منها دانية ومنها عالية فإنّما يثبت له العالي بل الاَعلى. (4) ومنه يعلم أنّ الاَمثال إذا كان جمع مثْل ـ بالسكون ـ فالله سبحانه منزّه من المثْل والاَمثال، وأمّا إذا كان جمع مثَل ـ بالفتح ـ بمعنى الوصف الذي يحمد به سبحانه، فله الاَمثال العليا، والاَسماء الحسنى كما مرّ. ____________ 1 ـ الكهف:49. 2 ـ الروم:27 3 ـ طه:8. 4 ـ لاحظ: الميزان: 12|249.