( 8 ) وأمّا الفرق بين المماثلة والمشابهة هو أنّ الاَُولى تستعمل في المتفقين في الماهية والواقعية، بخلاف الثانية فإنّما تستعمل غالباً في مختلفي الحقيقة، المتفقين في خصوصية من الخصوصيات. وبهذا يعلم أنّ التجربة تجري في المتماثلين والمتفقين في الحقيقة، كانبساط الفلز حينما تمسُّه النار، وهذا بخلاف الاستقراء، فإنّ مجراه الاَُمور المختلفة كاستقراء أنّ كل حيوان يتحرك فكه الاَسفل عند المضغ، فيتعلّق الاستقراء بمختلفي الحقيقة كالشاة والبقرة والاِبل. وقد تكرر في كلام غير واحد من أصحاب المعاجم أن المَـثَل والمثْل سيان، كالشَبَه والشبْه، ومع ذلك كلّه نرى أنّ القرآن ينفي المثْل لله ، ويقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء ) (1) وفي الوقت نفسه يُثبت له المثَل، ويقول: (لِلَّذينَ لا يُوَْمِنُونَ بِالآخرةِ مَثَلُ السَّوءِ وَللهِ المَثَلُ الاََعْلى وَهُوَ الْعَزيزُ الحَكِيم ). (2) والجواب: أنّه لا منافاة بين نفي المِثْل لله واثبات المَثَل له؛ أمّا الاَوّل، فهو عبارة عن وجود فرد لواجب الوجود يشاركه في الماهية، ويخالفه في الخصوصيات، فهذا أمر محال ثبت امتناعه في محلّه، وأمّا المَثَلُ فهو نُعوت محمودة يُعرف بها الله سبحانه كأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وعلى هذا، المَثَلُ في هذه الآية وما يشابهها بمعنى ما يوصف به الشيء ويعبَّر به عنه ، من صفات وحالات وخصوصيات. فهذه الآية تصرّح بأنّ عدم الاِيمان بالآخرة مبدأ لكثير من الصفات ____________ 1 ـ الشورى:11. 2 ـ النحل: 60.