(35) 4 ـ الفروق بين المعاني الثلاثة: والفرق بين معاني السلام لغةً وقرآناً وحديثاً، هو الفرق بين عموم الشيء وخصوصه، وليست مهمة اللغة سوى ضبط مواضع استعمال الكلمات وبيانها، ومن الواضح أن كلمات الكتاب والسنة لا تحيد عما عليه المحاورات المتداولة بين الناس، وما يقصدونه من معاني الكلمات، وإلا لما صح الخطاب بما لا يعرفونه ولا يأنسون به. والفرق بين السلام في القرآن، أو الحديث، وبين العرف العام ليس إلا ما ذكرناه، ولا مجال لسؤال الفرق. نعم قد جاء الإسلام بحقائق لم يعهدها أهل العرف ولم يعرفوها، أو كانوا قد عرفوا بعضها خلاف ما جاء به، أو علموه دون جميعها؛ فنزل القرآن عليهم، لكشف تلك الحقائق وآثاره التي خفيت عن كلهم أو أكثرهم، ومنها السلام وآثاره وآدابه وأحكامه، التي جاء بها الرسول، (صلى الله عليه وآله)، كما جاء بغير ذلك من أمور، وأوصياؤه القائمون مقامه الحافظون لشريعته، الأئمة المعصومون (عليهم السلام)، وفيهم فاطمة الزهراء (عليها السلام). فالسلام في اللغة لا يأبى السلام في القرآن، ولا السلام في الحديث، فترى اللغوي ربما يطبق لغة السلام على قوله تعالى: (سلام هي حتى مطلع الفجر) (1) ويقول: أي لا داء فيها ولا يستطيع الشيطان أن يصنع فيها شيئاً (2). وليس ذلك إلا مجرد تطبيق معنى السلام على مورد التنزيل؛ وهكذا الحديث الموافق له دون ما خالف معناه؛ فإن الذي جاء أولى، على حد تعبير بعض الأحاديث العلاجية، لما اختلف منها، أو ما لم يوافق القرآن فهو زخرف، أو لم نقله (3)، ولا يمتري أثنان في رد المخالف وقبول الموافق. ____________ 1 ـ القدر: 5. 2 ـ لسان العرب 12 | 290 ـ سلم ـ. 3 ـ الوسائل 18 | 78، 84.