(228) بـيـان: المراد بها الدمار (1) قال الجزري: البلاقع جمع بلقع، وبلقعة، وهي الأرض القفر التي لا شيء بها، يريد أنّ الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقيل: هو أن يفرّق الله شمله، ويغيّر عليه ما أولاه من نعمه (2). وفي المثل: (اليمين الغموس تدع الديار بلاقع) (3). وعلى معنى الدعاء للسلامة فلا مانع من تفسير السلام على الكائنات به، بأن يديم الله سلامتها، لينتفع بها الأحياء من البشر وغيره، بل لا شك أنّها من نِعَم الله وآلائه، التي حثّ العباد على شكرها، وضمن لهم الزيادة، وهي إدامتها ومضاعفاتها، قال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد) (4). وعلى معنى تبادل الحبّ فيراد من السلام عليها إنا وإيّاها نتعاهد على الحبّ في الله والطاعة له، ولكن بيننا وبينها فرق أن الكائنات غير الشاعرة بنظرنا وهي في الواقع شاعرة، لا تحيد عن أمر الله، مطيعة له، مقهورة لقضائه، كما في آية (فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين) (5). فهي مسيرة ونحن مخّيرون، ومن ثم نطيع مرّة، ونتمرّد ____________ 1 ـ لأن الديار الأرض العامرة وإلاّ فهي البلاقع. 2 ـ النهاية 1 | 153 ـ بلقع ـ. 3 ـ مجمع الأمثال 2 | 425، رقم المثل 4744، حرف الياء. وفيه: (اليمين الغموس: التي تغمس صاحبها في الإثم، فهو فعول بمعنى فاعل، قال الخليل: الغموس اليمين التي لم توصل بالاستثناء، والبلقع: المكان الخالي). 4 ـ إبراهيم: 7. 5 ـ فصلت: 11. أقول: جاء التخاطب مع الحيوانات كتخاطب الجمادات من سماء وأرض، والنباتات من شجر ونبات، فقد روى ابن شهر اشوب في المناقب 1 | 25 ـ 26 في قصّة مجيء أبرهة بن الصباح لهدم الكعبة: أتاه عبد المطلب ليسترد إبله، فقال: تُعلمني في مائة بعير، وتترك دينك ودين آبائك، وقد جئت لهدمه فقال عبد المطلب: أنا ربّ الإبل وللبيت ربّ سيمنعه منك، فردّ إليه إبله فانصرف إلى قريش، فأخبرهم الخبر، فأخذ بحلقة الباب قائلاً: يـا ربّ لا أرجـو لـهـم سـواكـا * يـا ربّ فـامـنـع مـنـهـم حمـاكـا إنّ عـدوّ الـبيـت مـن عـاداكـا * امـنـعـهـم أن يـخـربـوا قـراكـا <==