( 13 ) ونستخلص من البحث الذي مضى نتيجة أخرى، هي: أن تشريع الأحكام ووضع القوانين راجع إلى الله تعالى، وليس لأحد أن يشرع القوانين ويصنع المقررات غيره، لأننا عرفنا من البحث السابق أن الآداب والقوانين التي تفيد الانسان في حياته العملية هي المستوحاة من خلقته الطبيعية، ونعني بها القوانين والآداب التي تدعو اليها العلل والعوامل الداخلية والخارجية الكامنة في خلقته، وهذا يعني أن الله تعالى يريدها ومعنى أنه يريدها أنه أودع في الانسان العلل والعوامل التي تقتضي تلك القوانين والآداب. نعم الارادة تنقسم إلى قسمين: قسم منها تجبر على ايجاد الشيء كالحوادث الطبيعية التي تقع في كل يوم، وهي المسماة بـ"الارادة التكوينية"، والقسم الآخر يقتضي ايجاد الشيء من طريق الاختيار لا الجبر كالأكل والشرب وأمثالهما، وهي المسماة بـ"الارادة التشريعية". يقول تعالى: (ان الحكم الا لله)(1). *** وبعد وضوح هذه المقدمات يجب أن يعلم: ان القرآن الكريم مع رعايته للمقدمات الثلاث المذكورة وهي أن للانسان هدفا يجب أن يصل اليه طول حياته بمساعيه وأعماله ولايمكن الوصول إلى هدفه الا باتباع قوانين وآداب، ولابد ______________________________ (1) سورة يوسف:40 و67.