[25] ويضيف القرآن في الآية التالية قائلا: (إذ يتلقّى المتلقّيان عن اليمين وعن الشمال قعيد)(1). أي أنّه بالإضافة إلى إحاطة علم الله "التامّة" على ظاهر الإنسان وباطنه، فهنالك ملكان مأموران بحفظ ما يصدر منه عن يمينه وشماله، وهما معه دائماً ولا ينفصلان عنه لتتمّ الحجّة عليه عن هذا الطريق أكثر، ولتتأكّد مسألة الحساب (حساب الأعمال). كلمة "تلقّى" معناها الأخذ والتسلّم، و "المتلقّيان" هما ملكان مأموران بثبت أعمال الناس. وكلمة "قعيد" مأخوذة من القعود ومعناها "جالس"(2) والمراد بالقعيد هنا الرقيب والملازم للإنسان، وبتعبير آخر أنّ الآية هذه لا تعني أنّ الملكين جالسين عن يمين الإنسان وعن شماله، لأنّ الإنسان يكون في حال السير تارةً، واُخرى في حال الجلوس، بل التعبير هنا هو كناية عن وجودهما مع الإنسان وهما يترصدّان أعماله. ويحتمل أيضاً أنّهما قعيدان على كتفي الإنسان الأيمن والأيسر، أو أنّهما قعيدان عند نابيه أو ناجذيه دائماً ويسجّلان أعماله، وهناك إشارة إلى هذا المعنى في بعض الرّوايات غير المعروفة "كما في بحار الأنوار ج59 ص186 رقم الرّواية 32". وممّا يجدر التنويه عليه أنّه ورد في الرّوايات الإسلامية أنّ ملك اليمين كاتب ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ كلمة إذ في جملة (إذ يتلقّى المتلقّيان) ظرف متعلّق بمحذوف وتقديره واذكروا إذ يتلقّى المتلقّيان ولهذا المعنى ذهب إليه جماعة من المفسّرين، إلاّ أنّ جماعة اُخرى يرون بأنّ إذ متعلّقة بكلمة أقرب الواردة في الآية الآنفة إلاّ أنّ التّفسير الأوّل يبدو أصحّ لأنّ كلا من الجملتين "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" و "إذ يتلقّى المتلقّيان" إلخ تحتفظ بإستقلالها دون أن يتقيّد كلّ بالاُخرى ولا يتناسب الصدر والذيل في التّفسير الثاني. 2 ـ كلمة قعيد مفردة مع أنّ كلمة المتلقّيان تثنية لأنّ في الآية حذفاً وتقديرها إذ يتلقّى المتلقّيان عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد" وقد وقع هذا الحذف بقرينة ذكر الآخر.