[24] إنّ الإلتفات إلى هذه الحقيقة يوقظ الإنسان، ويكون على بيّنة من أمره وما هو مذخور له في صحيفة أعماله عند محكمة عدل الله .. فيتحوّل من إنسان غافل إلى موجود واع ملتزم ورع تقيّ .. ورد في حديث أنّ أبا حنيفة جاء إلى الصادق (عليه السلام) يوماً فقال: رأيت ولدك موسى يصلّي والناس يعبرون من أمامه إلاّ أنّه لم ينههم عن ذلك، مع أنّ هذا العمل غير صحيح!. فقال الصادق (عليه السلام) ادعوا لي ولدي موسى فدُعي له فكرّر الإمام الصادق حديث أبي حنيفة لولده موسى بن جعفر فأجاب موسى بن جعفر قائلا: إنّ الذي كنت اُصلّي له كان أقرب إليّ منهم يقول الله عزّوجلّ: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) .. فاحتضنه الإمام الصادق وقال: بأبي أنت واُمّي يامستودع الأسرار(1). وللمفسّرين آراء عديدة في معنى "الوريد" .. فمنهم من يعتقد بأنّ "الوريد" هو العصب المتّصل بقلب الإنسان أو كبده، ويعتقد بعضهم بأنّ الوريد جميع الأعصاب في بدن الإنسان .. في حين أنّ بعضهم يعتقد بأنّه عصب الرقبة فحسب! إلاّ أنّ التّفسير الأوّل يبدو أكثر تناسباً، ولا سيّما إذا لاحظنا الآية 24 من سورة الأنفال آنفة الذكر! وكلمة "الوريد" ـ ضمناً ـ مأخوذة من الورود، ومعناه الذهاب نحو الماء، وحيث أنّ الدم ـ يرد من هذا العصب إلى القلب ويخرج منه إلى سائر أعضاء بدن الإنسان سمّي بالوريد. ولكن ينبغي الإلتفات إلى أنّ الإصطلاح المتداول في هذا العصر في شأن "الوريد والشريان" ـ يعني المجاري التي توصل الدم من سائر أعضاء الجسم إلى قلب الإنسان، وبالعكس ـ هذا الإصطلاح خاصّ بعلم الأحياء ولا علاقة له بالمفهوم اللغوي للوريد. ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ نور الثقلين، ج5، ص108.