[23] ومن الطبيعي أنّ هناك بحوثاً اُخرى في باب الغناء، من قبيل بعض الإستثناءات التي قبلها جماعة وأنكرها آخرون، ومسائل اُخرى ينبغي الكلام عنها في الكتب الفقهيّة. والكلام الأخير هو أنّ ما ذُكر أعلاه يتعلّق بالغناء، وأمّا إستعمال الآلات الموسيقية وحرمتها، فهو بحث آخر خارج عن هذا الموضوع. 3 ـ فلسفة تحريم الغناء: إنّ التدقيق في مفهوم الغناء ـ مع الشروط التي قلناها في شرح هذا المفهوم ـ تجعل الغاية من تحريم الغناء واضحة جدّاً. فبنظرة سريعة إلى معطيات الغناء سنواجه المفاسد أدناه: أوّلا: الترغيب والدعوة إلى فساد الأخلاق. لقد بيّنت التجربة ـ والتجربة خير شاهد ـ أنّ كثيراً من الأفراد الواقعين تحت تأثير موسيقى وألحان الغناء قد تركوا طريق التقوى، واتّجهوا نحو الشهوات والفساد. إنّ مجلس الغناء ـ عادةً ـ يُعدّ مركزاً لأنواع المفاسد، والدافع على هذه المفاسد هو الغناء. ونقرأ في بعض التقارير التي وردت في الصحف الأجنبية أنّه كان في مجلس جماعة من الفتيان والفتيات فعُزفت فيه موسيقى خاصّة وعلى نمط خاص من الغناء، فهيّجت الفتيان والفتيات إلى الحدّ الذي هجم فيه بعضهم على البعض الآخر، وعملوا من الفضائح ما يخجل القلم عن ذكره. وينقل في تفسير (روح المعاني) حديثاً عن أحد زعماء بني اُميّة أنّه قال لهم: إيّاكم والغناء فإنّه ينقص الحياء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، وإنّه ينوب عن