[22] ومسكر وإباحة وفساد جنسي، لكان ذلك مناسباً جدّاً! وهناك مسألة تستحقّ الإنتباه، وهي أنّ بعض الألحان تعدّ أحياناً غناءً ولهواً باطلا بذاتها ومحتواها، مثال ذلك أشعار العشق والغرام والأشعار المفسدة التي تُقرأ بألحان وموسيقى راقصة. وقد تكون الألحان بذاتها غناءً أحياناً اُخرى، مثال الأشعار الجيدة، أو آيات القرآن والدعاء والمناجاة التي تُقرأ بلحن يناسب مجالس الفاسدين والفسّاق، وهو حرام في كلام الصورتين "فتأمّل". وثمّة مسألة ينبغي ذكرها، وهي أنّه يذكر للغناء معنيان: معنى عامّ، ومعنى خاصّ، والمعنى الخاصّ هو ما ذكرناه أعلاه، أي الموسيقى والألحان التي تحرّك الشهوات، وتناسب مجالس الفسق والفجور. والمعنى العامّ هو كلّ صوت حسن، فمن فسّر الغناء بالمعنى العامّ قسّمه إلى قسمين: غناء حلال، وغناء حرام. والمراد من الغناء الحرام: هو ما قيل أعلاه، والمراد من الغناء الحلال: الصوت الحسن الجميل والذي لا يكون باعثاً على الفساد، ولا يناسب مجالس الفسق والفجور. وبناءً على هذا فلا يوجد إختلاف ـ تقريباً ـ في أصل تحريم الغناء، بل الإختلاف في كيفية تفسيره. ومن الطبيعي أن يكون للغناء موارد شكّ ـ ككلّ المفاهيم الاُخرى ـ وأنّ الإنسان لا يعلم حقّاً هل أنّ الصوت الفلاني يناسب مجالس الفسق والفجور، أم لا؟ وفي هذه الصورة يحكم بالحلّية بحكم أصل البراءة، وهذا ـ طبعاً ـ بعد الإحاطة الكافية بالمفهوم العرفي للغناء طبق التعريف أعلاه. ومن هنا يتّضح أنّ الأصوات والموسيقى الحماسية التي تناسب ساحات الحرب أو الرياضة وأمثالها لا دليل على حرمتها.