[37] ويمكن أن يكون الإرتباط أكثر من ذلك وهو أن نقول : إنّ هذه الآية بالرّغم من أنّها وردت في ذيل آيات الجهاد، ولكنّها تبيّن حقيقة كليّة واجتماعيّة، وهي أنّ الإنفاق بشكل عام سبب لنزاهة المجتمع من المفاسد المدمّرة، لأنه حينما يترك أفراد المجتمع الإنفاق وتتراكم الثروة في أحد أقطاب المجتمع تنشأ طبقة محرومة بائسة، ولا يلبث أن يحدث انفجار عظيم فيه يحرق الأثرياء وثروتهم ويتّضح من ذلك إرتباط الإنفاق بابعاد التهلكة. ومن هنا فالإنفاق يعود بالخير على الأثرياء قبل أن يصيب خيره المحرومين، لأنّ تعديل الثروة يصون الثروة كما قال الإمام علي (عليه السلام) (حصّنوا أموالكم بالزّكاة)(1). وبتعبير بعض المفسّرين أنّ الإمتناع من الإنفاق في سبيل الله يؤدّي إلى موت الرّوح الإنسانيّة في الفرد بسبب البخل، وكذلك يؤدّي إلى موت المجتمع بسبب الضعف الإقتصادي وخاصّةً في النظام الإسلامي المبتني على أساس الإحسان والخير(2). 2 ـ سوء الإستفادة من مضمون الآية تقدّم أنّ بعض أهل الدنيا من طلاّب العافية تمسّكوا في هذه الجملة من هذه الآية (ولا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة) للفرار من الجهاد في سبيل الله حتّى أنّهم وسموا ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) في عاشوراء الّتي كانت سبب نجاة الإسلام وبقائه أمام الأعداء كبني اُميّة أنّها مصداق لهذه الآية، وغفلوا عن أنه لو كان الأمر كما يقولون لانسدَّ باب الجهاد تماماً. ________________________________________ 1 ـ نهج البلاغة، الحكمة 146. 2 ـ تفسير في ظلال القرآن، ج 1، ص 276.