[36] يعني ذلك أن يقف موقف المتفرّج حتّى يُقتل رسول الله ويقول أنّ إلقاء النفس في التّهلكة حرام ؟ والحقّ أنّ مفهوم الآية واضح والتمسّك بها في مثل هذه الموارد نوع من الجهل والحِمق. أجل، إذا لم يكن الهدف مهمّاً ولايستحق أن يضحّي الإنسان بنفسه في سبيله، أو أنّه يكون مهمّاً ولكن بإمكانه تحقيقه بوسائل وطرق اُخرى أفضل، ففي هذه الموارد لا ينبغي إلقاء النفس في الخطر (كموارد التقيّة مثلاً من هذا القبيل). وفي آخر الآية أمر بالإحسان ويقول (أحسنوا إنّ الله يحبّ المحسنين). أمّا ما هو المراد بالإحسان هنا ؟ فهناك عدّة احتمالات في كلمات المفسّرين، منها : أنّ المراد هو حسن الظن بالله (فلا تظنّوا أنّ إنفاقكم هذا يؤدي إلى الإختلال في معاشكم)، والآخر هو الإقتصاد والإعتدال في مسألة الإنفاق، وإحتمال ثالث هو دمج الإنفاق مع حسن الخلق للمحتاجين بحيث يتزامن مع البشاشة وإظهار المحبّة و تجنّب أي لون من ألوان المنّة والأذى للشخص المحتاج، ولا مانع من أن يكون المراد في مفهوم الآية جميع هذه المعاني الثلاث. * * * بحوث 1 ـ الإنفاق مانع عن انهيار المجتمع هناك إرتباط معنوي بين جملة (وأنفقوا في سبيل الله) و (لا تلقوا بأيديكم إلى التّهلكة) بملاحظة أنّ عبارات الآيات القرآنية مترابطة ومتلازمة، والظّاهر أنّ الرّابطة بين هاتين العبارتين هو أنّكم لو لم تنفقوا في سبيل الله وفي مسار الجهاد فقد ألقيتم أنفسكم في التّهلكة.