[539] 1 ـ الحدود الإِلهية: بعد أن ذكرت الآية الكريمة بعض أحكام الصوم والاعتكاف، عبّرت عن هذه الأحكام بالحدود الإِلهية، وهي الحدود بين الحلال والحرام ... بين الممنوع والمباح. ومن الملفت للنظر أن الآية لم تقل لا تتجاوزوا هذه الحدود، بل قالت: (فَلاَ تَقْرَبُوهَا)، لأن الاقتراب منها يؤدي إلى إثارة الوساوس، وقد يؤدي أحياناً إلى تجاوز هذه الحدود. لذلك نهى الإِسلام عن الولوج في مناطق تؤدي إلى إنزلاق الإنسان في المحرمات، كالنهي مثلا عن الاشتراك في مجالس شرب الخمر حتى مع عدم التلوث بالخمرة، أو النهي عن الاختلاء بالمرأة الأجنبية. هذا النهي ورد في النصوص الإِسلامية تحت عنوان "حماية الحمى". ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "إِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، فَمَنْ يَرْتَعُ حَوْلَ الْحِمى يُوشَكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ"(1). من هنا فالمتقون لا يجنّبون أنفسهم الوقوع في المحرمات فحسب، بل يسعون إلى عدم الإِقتراب من حافّة الحرام. 2 ـ الاعتكاف: العكوف والإعتكاف أصله اللزوم، يقال: عكفت بالمكان، أي أقمت به ملازماً له، وهو في الشرع اللبث في المساجد للعبادة، وأقلّه ثلاثة أيّام يصوم خلالها المعتكف ويكفّ عن بعض المباحات. هذه العبادة لها الأثر العميق على تصفية الروح والقرب من الله، وذكرت كتب الفقه آدابها وشروطها، هذه العبادة مستحبة، وقد تتخذ أحياناً في ظروف استثنائية ________________________________________ 1 ـ تفسير الصافي، في تفسير الآية المذكورة.