[49] "أحتنكن" مشتقّة مِن "احتناك" وَهي تعني قطع جذور شيء ما، لذا فعندما يأكل الجراد المزروعات تقول العرب: احتنكَ الجراد الزرع، لذا فإنَّ هذا القول يشير إِلى أن إِبليس سيحرف كل بني آدم عن طريق الله وَطاعته، إِلاَّ القليل مِنهم. وَيحتمل أن تكون كلمة (احتنكن) مُشتقة مِن (حنك) وَهي المنطقة التي تحت البلعوم، فعندما يوضع الحبل في رقبة الحيوان تقول العرب (احتنك الدابة)، وَفي الواقع، فإنَّ الشيطان يريد أن يقول بأنَّهُ سيضع حبل الوسوسة في أعناق الناس وَيجرهم إِلى طريق الغواية والضلال. وهكذا كان، فقد أعطي الشيطان إمكانية البقاء والفعالية حتى يتحقق الإختبار للجميع، وَيكون وجوده سبباً لتمحيص واختبار المؤمنين الحقيقيين لأنّ الإنسان يشتدّ عزمه عِندما تهاجمهُ الحوادث وَيقوى عوده في مُواجهة الأعداء، لذلك قالت الآية: (قال اذهب فمن تبعك مِنهم فإنَّ جهنَّم جزاؤكم جزاءاً موفوراً). وبهذه الوسيلة للإِختبار ينكشف الفاشل مِن الناجح في الإِمتحان الإِلهي الكبير. ثمّ ذكرت الآيات بعد ذلك ـ بأُسلوب جميل ـ الطرق التي ينفذ مِنها الشيطان والأساليب التي يستخدمها في الوسوسة والإغواء فقالت: (واستفزز من إستطعت مِنهم بصوتك...) (واجلب عليهم بخيلك ورجلك...) (وَشاركهم في الأموال والأولاد...) (وَعدهم...) ثمّ يجيء التحذير الإِلهي: (وَما يعدهم الشيطان إِلاَّ غروراً...).