[446] المحبة، ودليل الود لهم: (واخفض لهما جناح الذل مِن الرحمة). 4 ـ أخيراً تنتهي الآيات، إِلى توجيه الإِنسان نحو الدعاء لوالدَيْه وذكرهم بالخير سواء كانا أمواتاً أم أحياء، وطلب الرحمة الرّبانية لهما جزاء لما قاما به مِن تربية (وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً). إِضافة إِلى ما ذكرناه، فثمّة ملاحظة لطيفة أُخرى يطويها التعبير القرآني، هذه الملاحظة خطاب للإِنسان يقول: إِذ أصبح والداك مُسِنَيّن وضعيفين وكهلين لا يستطيعان الحركة أو رفع الخبائث عنهما، فلا تنس أنّك عندما كُنت صغيراً كُنت على هذه الشاكلة أيضاً، ولكن والديك لم يقصرا في مداراتك والعناية بك، لذا فلا تقصَّر أنت في مداراتهم ومحبتهم. وقد تحدث من قبل بعض الأبناء انحرافات فيما يتعلق بحقوق الوالدين واحترامهم والتواضع لهم، وقد يصدر هذا العقوق عن جهل في بعض الأحيان، وعن قصد وعلم في أحيان أُخرى، لذا فإِنَّ الآية الأخيرة في بحثنا هذا تشير إِلى هذا المعنى بالقول: (ربّكم أعلم بما في نفوسكم). وهذه إِشارة إِلى أنَّ علم اللّه ثابت وَأزلي وأبدي وبعيد عن الإِشتباهات، بينما علمكم أيّها الناس لا يحمل هذه الصفات! لذلك فإِذا طغى الإِنسان وعصى أوامر خالقه في مجال احترام الوالدين والإِحسان إِليهم، ولكن بدون قصد وعن جهل، ثمّ تابَ بعد ذلك وأناب، وندم على ما فعل وأصلح، فإِنَّهُ سيكون مشمولا لعفو اللّه تعالى: (إِن تكونوا صالحين فإِنَّهُ كانَ للأوابين غفوراً) . "أوّاب" مُشتقة مِن "أوب" على وزن "قوم" وهي تعني الرجوع مع الإِرادة، في حين أن كلمة "رجع" تقال للرجوع مع الإِرادة أو بدونها، لهذا السبب يقال للتوبة "أوبة" لأنَّ حقيقة التوبة تنطوي على الرجوع عن الأمر (المنكر)، إِلى اللّه، مع الإِرادة. وبما أنَّ كلمة "أوّاب" هي صيغة مِبالغة، لذا فإِنّها تقال للأشخاص الذين كلما