[445] شكل من إِشكال المحبّة واللطف ولا تؤذيهما أو تجرح عواطفهما بأقل إِهانة حتى بكلمة "اُف": (فلا تقل لهما أف ولا تنهر هما)(1) بل: (وقل لهما قولا كريماً) وكن أمامهما في غاية التواضع (وأخفض لهما جناح الذل مِن الرحمة، وقل ربّ ارحمهما كما ربياني صغيراً). الأهمية الإِستثنائية لاحترام الوالدين: إِنَّ الآيتين السابقتين توضحان جانباً من التعامل الأخلاقي الدقيق، والإِحترام الذي ينبغي أن يؤدّيه الأبناء للوالدين: 1 ـ من جانب أشارت الآية إِلى فترة الشيخوخة، وحاجة الوالدين في هذه الفترة إِلى المحبّة والإِحترام أكثر مِن أي فترة سابقة، إِذ الآية تقول: (إِمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف). مِن الممكن أن يصل الوالدان إِلى مرحلة يكونان فيها غير قادرين على الحركة دون مساعدة الآخرين، وقد لا يستطيعون بسبب الكهولة رفع الخبائث عنهم، وهنا يبدأ الإِختبار العظيم للأبناء، فهل يعتبرون وجود مِثل هذين الوالدين دليل الرحمة، أو أنّهم يحسبون ذلك بلاءاً ومصيبةً وعذاباً .. هل عندهم الصبر الكافي لاحترام مثل هؤلاء الآباء والأمهات; أم أنّهم يوجهون الإِهانات ويسيئون الأدب لهم; ويتمنون موتهم؟! 2 ـ مِن جانب آخر .. تقول الآية: (فلا تقل لهما أف) بمعنى لا تظهر عدم ارتياحك أو تنفرك مِنهم (ولا تنهرهما) ثمّ تؤكّد مرّة أُخرى على ضرورة التحدّث معهم بالقول الكريم، إِذ اللسان مفتاح إِلى القلب (وقل لهما قولا كريماً). 3 ـ مِن جانب ثالث تأمر الآية بالتواضع لهم، هذا التواضع الذي يكون علامة ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ هناك قولان حول "إِما" في جملة "إِما يبلغنّ" فالفخر الرازي في تفسيره يذهب إِلى أنّها مركّبة من "إِن" الشرطية و"ما" الشرطية، وهي بذلك تفيد التأكيد. أما البعض الآخر كصاحب "الميزان" مثلا، فيرى أنّها مركبة من "إِن" الشرطية و"ما" الزائدة، التي جاءت هنا لتسمع لـ "إن" الشرطية بالدخول على الفعل المؤكد بنون التوكيد.